قسوة الأب وجبروته والضرب المبرح للأبناء وبخاصة الكبير كانت تصل لدرجة التعذيب بالمكواة والوقوف عاريا لساعات طويلة في غرفة باردة في شتاء الجزيرة القارس لسبب ودونما سبب هي من أوصلت شيندار لدرجة المرض النفسي الذي نعالجه منها منذ سنوات دونما فائدة هكذا كانت الأم تروي لنا بدموع كثيرة وجرح يبدو أنه لن يندمل كيف مارس الأب رجولته الفارغة وقسوته الغريبة على أبنائه , تتابع الأب متسلط ولا تجتاز الرحمة قلبه القاسي يقاطعني لأشهر يضربني أمام الأطفال , كل هذه المعاناة دفعت أبني الآخر أن يتركنا ويسافر للغربة, لولا خوفي على ضياع مستقبل بناتي و يتحولوا لخدم عند زوجة أب يهددنا دوما بأنه سيأتي بضرّة لي وللبنات لكنت انفصلت عنه منذ الأشهر الأولى لزواجنا , ربما تبدو مأساة هذه الأسرة نموذجاً مبسطاً في معاناة تبدو مخففة بوطأتها مقارنة بأسر أخرى كثيرة تعاني التفكك الأسري وغياب المودة والرحمة والاستقرار, وكان السبب لتختار أمهات كثيرات الانفصال ويبحث الأبناء عن ملاذ لن يكون سوى جحيم الشارع ورحمة السماء

التفكك الأسري الأسباب والتداعيات والنتائج

المرشدة النفسية ليلة محمد تشير إلى أن من أهم أسباب التفكك الأسري هو فقدان الاستقرار وسؤ التفاهم بين الأبوين و أحيانا تعود لسلطة الأب القاسية وغياب الوعي الكافي في تربية الأبناء وتوجيههم التربية السليمة ويتحكم الجانب الاقتصادي بشكل مؤثر في العملية فالرجل يشقى ويتواصل ليله بنهاره مقابل دخل بسيط لا تسد حاجات الطعام فقط كل ذلك يغرس في نفسه قسوة هو لا يرتضيها لكنها الظروف من أجبرته على غياب حنانه على الزوجة والأبناء فتبدأ المشاكل بالإضافة إلى جانب آخر هو جانب التمييز بين الأبناء والمعاملة السيئة وسؤ فهم حاجات هذا الجيل المختلف ظروفه جملة وتفصيلا عما عايشه الآباء , يدفع البيت للمزيد من الشقاقات ويؤثر بشكل أولي على الأبناء الباحثين لهم عن ملاذ لن يكون بالتأكيد سوى جحيم الشارع المأوى , بالعلم إلى أن معظم الدراسات تشير إلى أن أهم أسباب ظاهرة أطفال الشوارع ونهايتهم في سجون الأحداث سببه المباشر العنف الأسري وتفكك البيت , والملاحظ ازدياده بشكل مطرد في بيئتنا المثقلة بمشاكل نوعية متنوعة .

رصدنا الظاهرة ميدانياً بدأنا من الأطفال حيث تعج بهم الشوارع منهم من يتسول من غير علم والديه ومنهم من يبيع السجائر ومنهم من يعمل أجيرا في هذا المحل وذاك ومنهم يضيع ساعات النهار بمراقبة المارة من خلال تأمل يحمل الكثير من الدلالات وبالتأكيد سترسخ في ذهنه صورة ماضية وعن المستقبل في ذهن كائن هو الوقت المبكر عليه لهكذا تفكير بالإضافة لو طبقت القوانين الرادعة التي تحد من العنف ضد الأطفال من قبل الآباء وكذلك العنف ضد المرأة التي تترك البيت مراراً لجنبنا جيلاً وأطفالاً كثر من ضياع محتم

حسين يبيع السجائر, لم أجد الباب الذي يمكنني أن أبدأ معه الحوار فمعظمهم يتجنبون الأسئلة خارج إطار المهنة التي امتهنوها , بدأت أسايره بالكلام طمأنته في البداية إنني لن أصوره ولن اكتب اسمه حتى بدأ الكلام بتلقائية ليشعل سيجارة وينفث دخانه بقوة في عنان السماء ويتابع عرفت إنها بداية الانحراف إن لم تحتضنه الأسرة المفككة وتعيد حساباتها لأجل الطفولة البائسة هذه , تابع حسين الكلام بأنه عايش صراعات الأبوين وعانقوا الفقر في بيوت قد تكون بيوت الصفيح أفضل منها , يقول لم أعش طفولتي كنت أحلم بسندويشة فلافل في الفرصة أيام المدرسة , كنا محرومون من خمسة ليرات لن أنسى أيام الفقر والجوع وعملي مع الوالد في الشتاء القارس ببيع المازوت تركي للعمل معه كان سبباً ليضربني ويضرب والدتي المتهمة دوماً بأنها من تعلم أبنائها على التمرد في وجه الأب الرجل المتسلط ؟ صديق حسين الواقف معنا كان يبيع العلكة وينفخ بالونة بين الفينة والأخرى ويضحك دونما وعي إنه حجيم الشارع الذي يخبئ له ما هو سيئ كثيراً قال لا تسأليني لأنو وضعي مو أحسن من وضع حسين لكني أفضل حجيم الشارع على جهنم بيتنا ؟ هي ذي صور متناثرة لعينة أتصورها خير تمثيل وهم يدفعون ثمن انهيار الأسرة المبكر , كان للنصيب أن تكون بعض العينة من أطفالنا في شوارع الشام العريضة ممن يهربون من فقر مدينتهم لتحتضنهم شوارع الشام التي تجد لكل واحد منهم مكاناً غير آمن, كان ديدار أول من التقيتهم نائما على الطريق في نهار بدا ليله مبكرا عند هذا الطفل الذي يحمل ميزاناً ليعرف أثقال أجسادهم بينما قلوبهم ميتة تجتاز هذه الطفولة أقدام كثيرة دونما إحساس إنهم مسؤولون من وعن هذا المجتمع ,جلست لأكلمه أو أو قظه فالليل قد حل تقريباً وهو بكل تأكيد ليس من سكان المناطق الفارهة هو من الضواحي الفقيرة والبعيدة لتأتيني صوت امرأة بشكل صاعق من خلفي تقول لي اتركيه عرفت إنها الأم تقربت منها لنتكلم في أطراف الحديث فهي لن تفتح مواجعها كما تصورت ولكن ما لم أتوقعه حصل تقول أم ديدار منذ البداية بدا زواجنا فاشلاً ولكنه الخوف من الطلاق والمستقبل المجهول دفعني لاتحمل قسوة ذاك الرجل المتجبر الذي كان ينظر إلي جارية وخادمة وجسدا طرياً ليفش خلقه متى ما ضاقت به نفسه المريضة لم يكن إنسانا كان متوحشاً ,عقده النفسية نتيجة تدخلات الأهل في جزئيات حياته اسقاطات كل ذلك كانت تفعل فعلها في بيتنا الذي تفكك مع خمسة أطفال , لو لم اصمت منذ اللحظة الأولى لما كان وضعنا ونحن في الشارع من الفجر لساعات المساء المتأخرة كي أربي أطفالي حتى لو كان تحت رحمة المارة وجحيم الشارع فهم لن يؤذوني كما عشت المرارة بين أربعة جدران كانت آيلة للسقوط منذ البداية

أما أيمان التي تعيش في بيئة مرفهة مادياً لكنها لاتجد الحنان من الأم المشغولة بزياراتها الكثيرة والأب المسافر دوماً تقول اكتبوا عن الأغنياء فبيوتهم أكثر تفككاً من الفقراء على أغلب التقديرات أولاد الأغنياء لاينتمون لأسرهم سوى بكنية العائلة وقد لايجتمعون على سفرة واحدة لوقت طويل وطويل هل هي ذي الأسرة المتماسكة .

أم رياض تقول صحيح إننا نعيش جميعا تحت سقف واحد أنا وزوجي وأولادي الشباب العاطلين عن العمل لكن لم أشعر بلحظة واحدة الهدوء يسود بيتنا الأبناء يبحثون عن العمل دونما جدوى بعضهم يعمل ليوم وعشرة أيام أخرى دونما عمل والأب يشمت ويشتم وتبدأ الصراعات ولا نعرف كيف ستكون النهاية

ربما تكون صور التفكك الأسرى أبعد من ذلك دون أن يتغافل أي أحد في زمن سطحية المعيشة والاستهلاكية التي اقتحمت حياتنا إن بيته وبيوت الآخرين تعيشا صورة ما من صور التفكك الأسري لنؤكد إن أسباب الظاهرة يعيها كل واحد منا في بيته وأما الإجابة هي بضعة مراجعات ووقفة متأنية من الكبار أولا حيث أساس التفكك يبدأ منهم ليجنبوا بيوتهم الدمار بنتائجها المؤسفة دوما ويحموا أطفالهم من تربية الشارع وإفرازاتها السلبية المؤثرة على بينية المجتمع ككل في نهاية المطاف