كان معروفاً لدى السياسيين أن العلاقات السورية السعودية ليست كما يجب أن تكون ، بل هي فاترة قياساً مع علاقات هاتين الدولتين مع دول عربية أخرى. إلى أن جاء تصريح السيد الشرع الرجل الثاني في النظام السوري ، والذي أفاد بأن هناك خللاً في العلاقات بين السعودية وسوريا.
وحين يكون الوصف الرسمي للحالة بأنه "خلل" فمعنى هذا أن الحال أكثر من فتور ، ومعنى هذا أن الخلل سيؤدي إلى خلل أكبر ، فالخطأ يفضي للخطأ ، والصواب يقود للصواب.
لسنا سعداء بما نسمع عن فتور ، أو خلل أو تراجع في العلاقات بين بلدين عربيين بوزن السعودية وسوريا ، وإن الإبقاء على هذا الحال وتكريسه لا يخدم البلدين ولا يخدم مصالح الأمة العربية.
الأمة العربية متخمة بالمشكلات والأزمات وسوء العلاقات بين هذه الدولة وتلك وقد يصل الحال إلى العداء والخصومة ، بشكل معلن أو غير معلن . وعلى أحسن حال ، ولو التقت الأمة العربية على قلب رجل واحد ، وعلى هدف واحد ، فإنها تكاد أو لا تكاد تواجه مجموع الأزمات والأحمال فالأعداء أشد وأقوى وأقدر على إدارة رحى الحرب الباردة والساخنة ، وهم يجدون على الباطل أعواناً.
وقياساً على ما ذكر الإمام علي كرم الله وجهه فإن من المؤسف أن يجتمع الأعداء على باطلهم وأن نفترق على حقنا . لسنا في موقف الوعظ والإرشاد والنصيحة ، بل ومن منطلق براجماتي مصلحي فإن خلافاً بين أي دولتين عربيتين ، حتى لو كان بين دولتين صغيرتين هو خسارة وضرر وتعطيل للطاقات ، وسير بالاتجاه المعاكس ، وهو يجريء الأعداء ، فنصغر في عيونهم ونهون عليهم. فكيف إذا كان هذا بين سوريا والسعودية ولكل وزنه وقيمته ودوره ، ولكل مصالحه؟
ما آثار هذا الشحن ، وهذا الاعتراف من السيد الشرع هو غياب الممثل السعودي عن اجتماع الدول المجاورة للعراق ، والذي عقد في سوريا.. ولا شك أن للسعودية وجهة نظرها ، والذي نفهمه أن السياسة السعودية لها معاييرها وتوازناتها ، ولكنها وبشكل عام تميل للهدوء والصمت ، ولا يكون التصريح إلا على القدر الذي يرونه كافياً.
ليس مطلوباً ، ولا يمكن أن تكون الرؤى السياسية متطابقة ، ولكن الممكن والمطلوب أن تكون متممة لبعضها ، وبخاصة في القضايا الشائكة والمعقدة . نعم إن الخلاف إن وجد فهو على قضايا العراق ولبنان وفلسطين.
الذي يهم المخلصين من أبناء هذه الأمة أن لا تتكلس الخلافات البسيطة وتتيبس ، فتأخذ وضعاً ، فيصعب إصلاحه ، ذلك لأن الشر يبدأ بالشرارة كما يقولون ، وما نظن السعوديين ولا السوريين من أهل الشر والشرارة.

مصادر
الدستور (الأردن)