كثف قادة سياسيون عراقيون اجتماعاتهم أمس للبحث في امكان الخروج من الأزمة السياسية التي تدخل مرحلة جديدة بإعلان قوى سياسية بحثها اعلان «جبهة مضادة» للتحالف الرباعي الذي أعلنه «حزب الدعوة» و «المجلس الاسلامي الأعلى» والحزبان الكرديان. وفيما يعقد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي سلسلة اجتماعات اليوم مع مسؤولين سوريين في دمشق تشمل ملفات الامن والنفط واللاجئين، وصل وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الاحد الى بغداد في زيارة مفاجئة هي الأولى لوزير فرنسي الى العراق منذ ان عارضت باريس الحرب على هذا البلد عام 2003، ورحب البيت الابيض بهذه الزيارة معتبراً انها مؤشر الى عزم الأسرة الدولية على دعم العراق.

وتوالت تحذيرات خبراء عسكريين بريطانيين وكبار الضباط في الجيش من عدم جدوى بقاء القوات البريطانية في جنوب العراق خصوصاً انهم «لن يستطيعوا تحقيق اكثر مما قاموا به حتى الآن»، مشيرة الى ان «الجنود سيجبرون على الانسحاب بشكل بشع ومحرج، وسنضطر الى طلب الاستعانة بغطاء عسكري اميركي لتأمين انسحاب آمن».

في غضون ذلك، أطلق «التحالف الرباعي» حركة استقطاب داخل البرلمان، اذ أبدت كتل سياسية عراقية منخرطة في العملية السياسية تحفظها على الاتفاق الرباعي الذي اطلق عليه اسم «جبهة المعتدلين» وأكدت اطراف في «جبهة التوافق» السنية و «القائمة العراقية» بزعامة اياد علاوي والكتلة الصدرية و «حزب الفضيلة» سعيها لانشاء تحالف مضاد.

وأعلن الناطق باسم «القائمة العراقية» عزت الشابندر ان «الاعلان عن تشكيل جبهة المعتدلين سرّع وتيرة الحوار بين الكتل التي لم تشارك في هذه الجبهة لاطلاق تحالف جديد قد يحصل على الغالبية النيابية يحمل مشروعا وطنياً قادراً على تصحيح مسار العملية السياسية».

ولفت الامين العام لـ «الفضيلة» نديم الجابري الى ان «الاتفاق الرباعي ولد ميتاً»، وقال إن «الارضية اصبحت ملائمة لطرح المشروع الوطني (...) عبر غالبية برلمانية وجبهة وطنية قادرة على تغيير قواعد العملية السياسية الحالية».

وكان النائب عن الكتلة الصدرية الشيخ ناصر الساعدي أكد امس سعي كتلته لانشاء تحالف يقف بمواجهة التحالف الرباعي.

وعقد القادة السياسيون العراقيون الخمسة نوري المالكي وجلال طالباني ومسعود بارزاني وعادل عبد المهدي وطارق الهاشمي الاحد جولة جديدة من المباحثات سعيا لانقاذ حكومة المالكي من الأزمة التي تعيشها في اعقاب انسحاب عدد من وزرائها، وتمكنوا من الاتفاق على جدول اعمال اجتماع مقبل لقادة الكتل السياسية، ابرز نقاطه الموافقة على توسيع دائرة صنع القرار السياسي وحسم «ملفات عالقة» مثل «قانون العدالة والمساءلة» وانتخابات مجالس المحافظات وقانون النفط والغاز.

وتتزامن زيارة وزير الخارجية الفرنسي المفاجئة الى بغداد مع الذكرى السنوية الرابعة للتفجير الذي استهدف مقر بعثة الامم المتحدة في العراق في 19 تموز (يوليو) 2003 وراح ضحيته صديق كوشنير ممثل الامم المتحدة سيرجيو فييرا دي ميللو و21 شخصا آخرين.

وتوجه كوشنير فور وصوله برفقة نظيره العراقي هوشيار زيباري الى نصب اقيم إحياء لذكرى هؤلاء الضحايا ووضع أمامه باقة زهر كتب عليها «الى جنود السلام، فرنسا ممتنة».

وقال كوشنير رداً على سؤال حول تعزيز دور الامم المتحدة في العراق «آمل ذلك وهذا يتوقف الى حد بعيد على العراقيين اكثر مما يتوقف علينا. لو كان الامر يعود لفرنسا، لكانت الامم المتحدة لعبت دورا اكبر في العراق».

وتشكل زيارة كوشنير منعطفا في مقاربة السلطات الفرنسية للمسألة العراقية بعد انتخاب نيكولا ساركوزي في ايار (مايو) الماضي رئيسا لفرنسا خلفاً لجاك شيراك، اذ ان باريس التي عارضت شن الحرب على العراق، دأبت على انتقاد الولايات المتحدة للجوئها الى القوة من دون الحصول على تفويض من مجلس الامن، وامتنعت عن القيام بأي دور في العراق.

وفي دمشق ذكرت مصادر سورية مطلعة لـ «الحياة» امس ان دمشق «تعول كثيرا» على الزيارة الرسمية الأولى لرئيس الوزراء العراقي للمساهمة في «فتح صفحة جديدة» مع الحكومة العراقية، فيما أعلن المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي ياسين مجيد ان المالكي سيبحث مع الجانب السوري في ثلاثة ملفات مهمة، سياسية وأمنية واقتصادية.

في غضون ذلك، حذر خبيران عسكريان أميركيان بارزان من التدهور الحالي في الموقف في جنوب العراق، بينما تتأهب القوات البريطانية للانسحاب من مدينة البصرة على نحو قد «يسفر عن المزيد من إراقة الدماء»، ويعطي الانطباع بهزيمة بريطانيا، فيما ذكرت تقارير ان «البريطانيين سيجبرون على الانسحاب بشكل بشع ومحرج لأنهم لن يستطيعوا تحقيق اكثر مما قاموا به حتى الآن».

وقال الجنرال الأميركي جاك لين، في حديث مع صحيفة «صنداي تلغراف» البريطانية أمس إن القادة الأميركيين أصيبوا بـ «خيبة أمل وإحباط» إزاء هذا الانهيار في الموقف العسكري في جنوب العراق. ونسبت الصحيفة الى بعض الضباط البريطانيين قولهم إنهم «يواجهون عملية انسحاب مثيرة للإذلال لأنهم سيتعرضون لاطلاق النيران وهم يتراجعون الى ميناء أم قصر العراقي أو الى الكويت».

وذكر ضابط بريطاني رفيع للصحيفة ان ما يجري في البصرة قد يضطر الجيش البريطاني الى الاستعانة بغطاء عسكري اميركي لتأمين انسحاب آمن من قاعدتهم الاخيرة وهي القصر الصيفي لصدام حسين في البصرة.

الى ذلك، قال قائد القوات الاميركية في المنطقة الوسطى الميجور جنرال ريك لنتش إن «عناصر وحدة من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني اتخذوا من المحافظات الوسطى مثل كربلاء وبابل والنجف والحزام الجنوبي للعاصمة مقرا لهم لتدريب ميليشيات شيعية لتنفيذ هجمات ضد قوات الامن العراقية والاميركية».

وعادت الى بغداد اجواء الخطف الجماعي بعد اعلان الشرطة العراقية خطف نحو 15 مدنيا كانوا يستقلون حافلة عبرت منطقة باب المعظم وسط العاصمة قبل ان يوقفهم مسلحون تحت تهديد السلاح ويقتادوهم الى جهة مجهولة.

ويأتي الحادث بعد ايام من عملية خطف مثيرة طاولت وكيل وزارة النفط وعدداً من موظفيها داخل مجمع تابع للوزارة يحظى بحراسة مشددة.

أمنياً، ذكرت مصادر امنية وطبية عراقية ان 14 شخصا قتلوا في هجمات متفرقة الاحد ابرزها سقوط خمس قذائف هاون في منطقة العبيدي (شرق بغداد) ما اسفر عن مقتل 12 شخصا واصابة حوالي 31 بجروح.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)