التصدع الكبير والخطير الذي أصاب العلاقات العربية ــ العربية خلال هذه المرحلة، هو من نتائج التدخل الأميركي السافر في شؤون المنطقة، حيث أصبحت الولايات المتحدة في عهد الرئيس الحالي جورج بوش، طرفا مباشرا في الصراعات والانقسامات الداخلية لكل بلد عربي، وطرفا ضاغطا ومؤثرا جدا في حركة مسار واستقطاب العلاقات العربية ــ العربية! وخير مثال على ذلك الأزمة الراهنة في العلاقة السورية ــ السعودية، وما يرافقها من تفاعلات وتداعيات وانعكاساتها على مجمل الوضع العربي، وكذلك الأزمة اللبنانية ــ السورية، والانقسام الحاصل بين السلطة والمعارضة، وأزمة المواجهة وعدم الثقة بين «حماس» و«فتح»، والضغوط الإسرائيلية والأميركية التي تُمارس الآن، لدفع الطرفين نحو حرب أهلية شاملة، وثمة أزمات صامتة بين معظم الدول العربية، ولكن لا تقوم وسائل الإعلام بتسليط الضوء عليها، ربما بانتظار لحظات الانفجار الكبرى! فكل هذه الأزمات هي تجسيد مباشر وواضح عن أزمة الهوية والمرجعية العربية. والدخول بالتالي في العصر الأميركي ــ الإسرائيلي، الذي يحمل عنوانا محددا، وهو إثارة أكبر قدر من الأزمات والمشكلات في سياق العلاقات العربية ــ العربية، بهدف تحويل الصراع في الشرق الأوسط الى صراع عربي ــ عربي بدل ان يكون صراعا مع إسرائيل! وكل يوم يمر، تظهر أزمة جديدة في العالم العربي، وكأن المطلوب هو تحويل المنطقة الى ركام من الشظايا السياسية، التي تتساقط على رؤوس الحكام والشعوب، وبطريقة فيها الكثير من الخطر والضرر على السواء. إن أزمة العلاقات السورية ــ السعودية الراهنة، هي تعبير واقعي عن أزمة العلاقات العربية كلها، وعن قتل كل مؤتمرات القمم العربية، بما في ذلك قمة الرياض الأخيرة، في تحقيق الحد الأدنى من التفاهم أو التضامن العربي! إذ أنه حتى هذه الصيغة أصبحت محظورة أميركيا وإسرائيليا، وبات المطلوب ان يكون هناك أكثر من صدام في الوضع العربي.

مصادر
الوطن (قطر)