في واقع ثقافة الاستهلاك التي تتجند الفضائيات العربية لخدمتها من خلال جميع برامج التسلية تقريبا ، سواء بتسويق سلوك الاستهلاك نفسه ، او بتشييء القيمة الانسانية بكل اشكالها وعلى رأسها المرأة ، او بتعميم برامج الربح السريع عن طريق المضاربة فيما يدمر قيمة العمل المنتج الجاد خاصة في نفوس الشباب . وفي واقع غياب شبه كامل لبرامج الشباب والناشئة والاطفال الجادة والمحببة في ان واحد ، وسيادة التنميط والتسطيح وقتل روح الابداع الحقيقي لدى الشباب ، اطلت علينا محطة المنار بحفل تكريم الطلبة المتفوقين في لبنان ، تحت اسم الاعلامي الكبير الذي رحل عنا مبكرا هذا العام ، جوزيف سماحة ، وتقديم الاعلامية الملتزمة القديرة كوثر البشراوي.
وقد جاء اسلوب تنفيذ الفكرة وتنظيم الحفل ليكرس اكثر من قيمة ضرورية في مواجهة العاصفة التي تهدد باقتلاع لبنان والمنطقة . حيث تم تقديم الطلاب المتفوقين بحسب فروع البكالوريا ( الموازية للتوجيهي ) وهي عديدة . على ان يسلم الدروع عن كل فرع شخص مبدع متفوق في التخصص نفسه . فللادبي الكاتبة الكبيرة : اميلي نصرالله . وللاعلام المذيع القدير جورج قرداحي ، وللعلوم الوزير الطبيب ، الذي يعترف له اللبنانيون جميعا بالاستقامة والنجاح والتفاني في المهنة والخدمة العامة ، وللاقتصاد الاقتصادي الكويتي الناجح الدكتور العزيزي.. الخ... وفي ذلك تقديم نموذج جيد للطلاب المتفوقين يمكن ان يشكل محفزا ومثالا على طريق مستقبلهم ، خاصة وان كلا منهمقد تحدث عن قصة نجاحه بكل بساطة وعن الجهد والمثابرة والصعود خطوة خطوة بقدرالجهد. القيمة الخاصة المهمة هي تجلي الوحدة الوطنية اللبنانية عبر الطلاب الذين ينتمون الى مختلف الطوائف والمناطق ، كما تنتمي مدارسهم الى القطاعين الرسمي والخاص ، وفي القطاع الخاص الى مختلف الرهبنات المسيحية والمؤسسات الدينية الاسلامية ، والبعثاث العلمانية ، لا يميز بينها الا تفوق الطالب المعني ، وفخرالمدرسة التي صنعت نجاحه والاهل.
القيمة الثالثة تجلت في حديث معظم الطلاب عن قيمة المقاومة ، وتركيز فكرة ان المقاومة لا تكون فقط بالسلاح ، وانما بالعلم والابداع ايضا.
قيمة رابعة تجلت في دعوة بعض الطلاب اساتذتهم او مدرائهم لتسلم الدرع الى جانبهم ، بما في ذلك من احترام لدورالمعلم الذي كدنا ننساه في مرحلة يراد فيها ترسيخ فكرة ان قيمة الانسان تقتصرعلى ما يحقق من نجاح مادي ، بصرف النظر عن اسلوب واخلاقيات تحقيقه.
ملاحظة اخيرة كانت لافتة للنظر في هذا الحفل هي تغلب نسبة الفتيات على الشباب بشكل ساحق ، بحيث لم تضم بعض الافواج الا شابا واحدا. تحية للمنار ودعوة لها والى سائر المحطات لمزيد من هذا النوع من البرامج التي تعيد تركيز القيم.

مصادر
الدستور (الأردن)