قتل 14 جندياً أمريكياً في العراق في تحطم مروحية، أمس، في موازاة إقرار الرئيس الأمريكي جورج بوش بأن العراق يمثل مصلحة استراتيجية للولايات المتحدة، ولذلك فإنه لن يتخلى عنه، واعتبر الانسحاب من البلد المحتل قبل استكمال المهمة سيكون “مشيناً” وستكون له نتائج وخيمة على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، مستخدماً شبح فيتنام للتشبث أكثر بالبقاء على الرغم من إقراره بارتكاب أخطاء، ولكن من دون ذكرها، وبخلاف ما تطرق إليه الثلاثاء لم يتحدث الرئيس الأمريكي عن “إحباطات” أو “التقدم الذي يتحقق على الأرض في العراق”، وسعى إلى تبديد الانطباع الذي تركه بخصوص رئيس الوزراء نوري المالكي، والذي وصفه مجدداً بأنه “طيب وجيد يقوم بعمل صعب وأنا أدعمه”.

واتهم زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد إدارة بوش ب”تضليل الأمة الأمريكية باستخدام الذرائع لكسب التأييد لغزو العراق”، ورفض المالكي التصريحات الأمريكية التي هاجمته مؤخراً، وطالبت بتغييره وسحب الثقة منه ووصفها “بالخارجة عن اللياقات الدبلوماسية والسياسية”.

وأثارت الوقائع السياسية الكابوسية في بغداد المسؤولين الأمريكيين ودفعتهم للجم رؤيتهم للديمقراطية في العراق، وبدلاً من ذلك، بدأ هؤلاء المسؤولون يتحدثون عن بدائل حكومية “غير ديمقراطية” فاعلة تجلب الأمن للبلاد.

وقال بوش خلال كلمة له أمام جمعية قدامى المحاربين في الولايات المتحدة، إن “التخلي عن العراق حالياً يفتح المجال أمام الإرهابيين، كما أن هزيمة الولايات المتحدة في هذه الحرب ستكون لها نتائج خطرة، مشيراً إلى أن الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط إنما يصب في الجهود المبذولة للمساعدة على إقامة ديمقراطية فتية في المنطقة.

وسعى بوش أمس الأربعاء إلى تبديد الانطباع الذي تركه أمس الأول بخصوص المالكي الذي وصفه بأنه “طيب وجيد يقوم بعمل صعب وأنا أدعمه”، مشيراً إلى أن تغييره أمر خاص بالشعب العراقي نفسه.

ودعا إلى التحلي بالصبر حيال استراتيجيته في العراق التي لا تحظى بشعبية.

وقال “كثيرون لديهم استياء من وتيرة التقدم في بغداد، ويمكنني تفهم ذلك”، متداركا “لكن وجود عراق حر لن يكون أمراً مثالياً. إن العراق الحر لن يتخذ قرارات بالسرعة التي كانت تقوم بها البلاد إبان الديكتاتورية”.

وتابع بوش “لكن الأمر لا يعود للسياسيين في واشنطن لكي يقولوا ما إذا كان (المالكي) سيبقى في منصبه، الأمر يعود إلى الشعب العراقي الذي يعيش الآن في ظل ديمقراطية وليس ديكتاتورية”.

وأجرى مقارنة بين الحرب العالمية الثانية و”الحرب العالمية ضد الإرهاب”.

ولم يتردد في مقارنة قيام اليابان بقصف بيرل هاربر بأحداث 11 سبتمبر/ أيلول، مقرا في الوقت نفسه بوجود “فوارق” بين الحرب التي تمت ضد اليابان ثم كوريا الشمالية وفيتنام. لكنه أشار إلى وجود “شبه كبير” بين الحرب في المحيط الهادئ والحرب الكورية وحرب فيتنام و”الحرب ضد الإرهاب” قائلا إنها “كلها حروب عقائدية”.

وطلب من الأمريكيين الذين يعارضون بأغلبيتهم التدخل العسكري الأمريكي في العراق استخلاص العبر من حرب فيتنام. وقال إن احد الدروس الذي يمكن استخلاصه من فيتنام هو أن “ملايين الأبرياء دفعوا ثمن انسحاب أمريكا”.

وحذر بوش من التعجل في المطالبة بانسحاب القوات الأمريكية من العراق قائلا: “إن ثمة إرثا لا تخطئه العين (لحرب) فيتنام هو أن ثمن انسحاب أمريكا دفعه ملايين المواطنين الأبرياء الذين أضافت عذاباتهم إلى مفرداتنا مصطلحات جديدة مثل: لاجئو القوارب /معسكرات إعادة التثقيف /مراعي القتل”.

ورفض الديمقراطيون تشبيه بوش لحرب العراق بالعمليات العسكرية في آسيا، وقال زعيم الأغلبية في الشيوخ إن هناك فروقا جوهرية بين الوضعين.

وأضاف ريد: “لقد ضللت حكومة بوش أمتنا باستخدام الذرائع لكسب التأييد لغزو العراق”، وأكد أن ذلك أدى إلى أحد أكبر التقديرات الخاطئة في تاريخ الولايات المتحدة.

وأعلن البنتاجون أمس أن ليس بإمكانه تسليم القوات الأمريكية في العراق سوى 1500 آلية مدرعة مصممة خصيصا لمقاومة الألغام، أي نصف العدد الذي كان مرتقبا بحلول نهاية السنة بسبب مصاعب إيجاد مصنعين.

وأكد مدير برنامج الأمم المتحدة للتنمية في العراق الايطالي باولو لامبو لوكالة فرانس برس ان ما يحصل في العراق لا سابق له في التاريخ المعاصر.