أبعد من مجرد "رواية" إعلامية ملفقة لأن التوقيت يسحب منا "البراءة" التي يمكن أن تظهر عند قراءة أي خبر فني، فما نشرته إحدى المجلات قبل أيام حول الفنان عابد فهد لا يمكن فهمه دون عمق خاص يرتبط بـ"الدراما السورية" في زمن سياسي مختلط، ولا يمكن قراءته بإغفال أن رمضان يشكل ساحة تجاذب يمكنها أن تشكل صورة ذهنية لـ"الدراما" أو للفنانين الذي يرافقوننا طوال هذا الشهر.

ثلاث سنوات ربما لم تكن كافية لإنهاء أزمة مسلسل "الطريق إلى كابول"، فهذا الطريق لم يكن خيارا ثقافيا فقط، والزمن الذي تصاعدت فيه حمّى الجهاد منذ نهاية السبعينات كان يحمل تغيرا واضحا لصورة السياسة في المنطقة، وللخارطة السياسية التي دخلها "الأفغان العرب" لاحقا... لكن عودة القضية تبدو أبعد من أي تفكير ثقافي، فدون أدنى شك تأتي إثارة هذا الموضوع اليوم واتهام الفنان عابد فهد بـ"انتهاك" المقدسات، لا يحمل بحد ذاتها أي محاولات ثقافية، لكنها في نفس الوقت يثير الكثير من الأسئلة حول دور "الاتهامات" في رسم صورة جديدة للدراما السورية في زمن "التعارض" السياسي!!!

ربما لا يحتاج الفنان عابد فهد إلى بيانات تضامنية أو لشرح ملابسات الموقف من "الطريق إلى كابول"، لأنه مهما صغر شأن "المطبوعة" التي تحاول إثارة الإزمات، إلا أنها توجه اتهامات إلى "الفن" عموما، إلى أشكال التفكير الثقافي المبدع، فإذا كان إيقاف "الطريق إلى كابول" حرم المجتمع من رؤية خاصة لمسألة الإرهاب، فإن إثارة تفاصيل، بغض النظر عن صدقيتها، يدخلنا من جديد في دوامة البحث عن عبثية الإعلام أحيانا، أو حتى عن الخلفية السياسية التي تدفع بالصحافة إلى اختيار توقيت خاص لإثارة "رواياتها المشوقة".

وبعد ما أثارته تلك "المطبوعة" حول عابد فهد فإن "تكذب" أو تجاوز ما نشر لم يعد مفيدا، لأن انتشار "الخبر المبهر" يبقى أقوى من النفي والتملص منه، وهو ما يدفعنا إلى البحث فيما هو أبعد من الخبر، أو إدخال لون سياسي إليه، فهل يمكن ربط ما حدث بحملة إعلامية كاملة نستطيع رصدها بتتبع بعض الفضائيات أو المطبوعات العربية؟!! ربما .. لكن الأهم هو التركيز على إعطاء "الدراما السورية" تحديدا هويتها الخاصة، لأن ما تعرض له "الطريق إلى كابول" لم يكن شأنا استثنائيا، لأننا نستطيع أن نرى فيه محاولة لتغييب التجارب التي تتطرق لرسم رؤية أزماتنا المعاصرة، وما يتعرض له عابد فهد اليوم هو أيضا "خنق" لعمليات الإبداع بغض النظر عن الأسباب الحقيقية التي تدفع البعض للتعامل باستخفاف مع الإعلام ومع ما ينشر.