ربما لا يعرف الكثيرون ان الدكتورة معصومة المبارك هي وزيرة في الحكومة الكويتية، أو اول وزيرة في الحكومة الكويتية. وربما لا يعرف الكثيرون أن هذه الوزيرة استقالت من منصبها بعد أن قالت عنه أنه حلم وتحقق، استقالت السيدة الوزيرة بناء على ما اعتبرته مسؤوليتها الأخلاقية والسياسية عن حريق طال مستشفى وأدى الى مقتل شخصين !!!!

وكان من المكن وبسهولة أو حتى بأتوماتيكية تحميل المسؤلية الجنائية والاخلاقية والسياسية بل وحتى الدولية الى اي فراش أو موظف بسيط أو حتى كبير فداء لكرسي الدكتورة الوزيرة. وكان بأمكانها أن تهرع الى مكان الحادث وتتصور عدة صور للصحافة البيضاء والصفراء والغراء وتنهي الموضوع بناء على لهفتها الدائمة مثلا اي لهفتها وحرصها على مصالح البشر قبل اعمارهم ، كما كان بأمكانها أن تلقي المسؤلية على اهمال وزير غادر كرسية للتو او للعشية وتنفد بريشها ، كما يمكنها أن ترمي المسؤلية على حرب داحس والغبراء العربية المعاصرة اي بين النساء والرجال اذ اشتط الغيظ بأحد الميامين أن ترأسه امرأة فخرب عليها عيشها وعشها الوزاري .. أو انها لا تريد الاستقالة حفاظا على تماسك الحكومة وعدم فتح مشاكل تعيق عملها، كان يمكن للوزيرة ان تخترع الاف المبررات والذرائع كي تمكنها من تصليب وتمتين ( لزقتها ) على الكرسي العتيد ، ولكن أخلاقها السياسية والاجتماعية منعتها من ذلك وتقدمت بأستقالتها، أي اننا وفي كل الحوادث أو الكوارث التي نصاب بها أمام وازع اخلاقي يفصل وبوضوح بين الجدير بالعمل العام وبين المتسلق الاستثماري.

ربما ارادت السيدة معصومة المبارك أن تعطي درسا لهؤلاء (الرجال) في معنى المسؤولية السياسية والاخلاقية ، وهذا من حقها طالما قبلت بتنكب المسؤلية بحلوها ومرها ، وهذا من حقها طالما العقل والبداهة تقول ا، المسؤولية تقع على الافهم الذي تصدى لمهمة ان يكون على كرسي الوزارة اي انه المسؤول عن أخطاء اصغر موظفيه ، وهو مقصر لأنه لم يتابع كل شيء عبر مفهوم المؤسسات الذي يجب ان يمارسه اي شخص مولج بالعمل العام .

ربما كانت الاستقالة التي تقدمت بها السيدة الوزيرة هي أعلى منصبا من الوزارة نفسها ، هي صفة النبل التي يجب ان تتحقق في اصحاب مناصب العمل العام التي من موقعها ( موقع الاستقالة العالي ) يحق لها ان تعطي دروسا لوزراء هذا العالم العربي المترامي المتعودين على ابتلاع كل شيىء بما فيه الاهانة .