وقع ما كان يخشى وقوعه في كربلاء. وفي خضم الاحتفالات الحاشدة بمولد الامام المهدي في إحدى أهم مدن المقدسات الشيعية، قتل وجرح أكثر من 250 شخصاً، وفرض على الفور حظر تجول وأرغمت القوات العراقية الزوار على مغادرة المدينة. لكن سفك الدماء الذي بدأ منذ ليل أمس الاول لم يتأت عن اقتتال مذهبي على ما يبدو، بل عن صراع نفوذ سياسي بين الحزبين الرئيسيين بين شيعة العراق.
وأكدت مديرية صحة بغداد مقتل اكثر من 50 شخصاً وجرح اكثر من 200 من المدنيين، اثر اشتباكات بين مسلحين موالين للزعيم مقتدى الصدر وبين قوات الامن العراقية في كربلاء، نشبت في مناطق بعيدة عن ضريحي الإمامين الحسين والعباس.
وأعلنت وزارة الداخلية العراقية إرسال تعزيزات أمنية إلى المدينة، حيث فرض حظر للتجول وقامت السلطات بإخلاء إجباري مكثف للزوار، الذين توافد الالاف منهم إلى مقام الامام الحسين منذ أيام، للمشاركة في احتفالات ذكرى مولد الامام المهدي التي كان من المفترض أن تختتم اليوم.
وفي حين ما تزال ملابسات المعارك غامضة، أكد شهود أن القتال يدور بين مسلحين موالين للصدر قد يكونون أعضاء في «جيش المهدي» من جهة، وبين الشرطة المرتبطة بـ«المجلس الأعلى الإسلامي العراقي» الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم من جهة أخرى.
وفي تفاصيل الحادث الذي اندلع ليل أمس الاول، قالت الشرطة العراقية إن مسلحين يحملون أسلحة آلية ومسدسات، حاولوا السيطرة على المنطقة المحيطة بضريحي الامامين، لكن الشرطة والجيش تمكنا من استعادة السيطرة على المنطقة. وتخلل المعارك هجوم صاروخي شنه المسلحون على مركز للشرطة.
وأكدت الشرطة العراقية أن مؤيدين للصدر أضرموا النار في مكاتب تابعة لـ»المجلس الأعلى الإسلامي العراقي» في كربلاء وبغداد. وأعلنت قوات الاحتلال الاميركية إن طائرات حربية تابعة لها حلقت فوق كربلاء «كإظهار للقوة»، بناء على طلب من السلطات العراقية.
من جهته، أوضح معاون الصدر حازم الأعرجي، في حديث لـ»رويترز» من كربلاء، أن الاشتباكات اندلعت حينما حاولت الشرطة منع بعض الزوار بالقوة من ترداد شعارات مؤيدة للصدر، وبدأ عناصرها بضرب هؤلاء، ما أغضب الصدريين في كربلاء وأثار أعمالا انتقامية من قوات الأمن. أضافت «رويترز» نقلا عن شهود أن المسلحين جابوا شوارع كربلاء مسلحين بالأسلحة الثقيلة والقاذفات الصاروخية والهراوات والسيوف، وراحوا يضربون الزوار بمن فيهم النساء.
وقد شهدت البلاد في الاونة الاخيرة صراعاً متعدد الجبهات بين التيار الصدري و»المجلس الاعلى الاسلامي»، وخاصة مع احتدام الازمة السياسية التي ينتمي الطرفان فيها إلى خندقين متواجهين، وارتفاع الحديث عن انسحاب أميركي محتمل. كما شهدت مناطق الجنوب خاصة اشتباكات عنيفة مستمرة بين الميليشيات التابعة للطرفين، في نزاع مستمر على النفوذ في الجنوب ذي الاغلبية الشيعية.
في هذه الاثناء، واصلت أطراف المعارضة العراقية المناوئة لحكومة نوري المالكي، أمس، هجومها على البيان المشترك الذي أعلنته الجبهة الرباعية الموالية، قبل أيام. وانتقدت «هيئة علماء المسلمين» البيان ـ الاتفاق، مؤكدة ان بنوده «جاءت في سياق دعم وجود الاحتلال الاميركي للعراق، ودعم مشاريعه التدميرية للبلاد».
ميدانياً
أعلنت وزارة النفط العراقية الافراج عن وكيل وزارة النفط عبد الجبار الوكاع، بعد نحو أسبوعين من اختطافه من قبل مسلحين مجهولين.
وأعلن الاحتلال أنه قتل 33 مسلحا خلال غارة جوية أميركية على مدينة الخالص في محافظة ديالى، في عملية لاستعادة السيطرة على قناة لتصريف المياه من جماعات مسلحة، وفق القوات الاميركية. كما قتل ستة مدنيين في الهجوم.
وأكدت قوات الأمن العراقية أنها نجحت، لأول مرة منذ الغزو، في تأمين طريق دولية طويلة مشهورة بخطورتها، كانت تعرف باسم «طريق الموت»، وتربط بين بغداد والأردن وسوريا، وتمر بالفلوجة والرمادي.
وعثر على جثة مترجم كان يعمل لشبكة «سي بي اس نيوز» الاميركية في العراق، بعد أسبوع من