سأشعر بالبرد.. لأن الشتاء القادم لا يحمل فقط ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، أو حتى قشعريرة التحولات التي أستطيع قرأتها ما بين السطور في الأخبار الوافدة.. سأشعر بالبرد لأنني أصبحت أدرك أن "الحصانة" ليست مصطلحا شرعيا أو دبلوماسيا فهي في النهاية واقع نبحث عنه.. أو أبحث عنه ولا أجده أينما ذهبت.

كان الأمر في البداية بالنسبة لي على الأقل هو في الاختيار: بين الحصانة التقليدجية كأنثى بمفهوم "الضلع القاصر" أو "القوارير" حسب بعض الروايات، وبين "الحصانة المعرفية، لكنني اكتشفت أن الثانية هي في الواقع "تعرية" كاملة... للجسد الاجتماعي والأنثوي والذكوري وحتى للذات البشرية... "تعرية" تشبه "الفضيحة" التي تصبح أشرطة فيديو على الإنترنيت، فيستابق الجميع لمشاهدتها والاستمتاع بها، ثم ذمها والرجوع إلى "الصرامة" العقلية في محاكمة "الأنثى".

هذه المعادلة تطورت لاحقا... رغم أنني مقتنعة بأن "المحصنات" مفهوم يخترقني ليقتل العشق في داخلي، أو يذبح الرغبة التي تتسرب إلى مساماتي، لكنني أعترف أن الخيارات هي أكثر من اثنين، وأن أي واحد منها لن يعبر عن حقيقة "الانكشاف" الذي نواجه به العالم وحدنا، فنصبح لحنا نشارا نعكر صفو المنتديات الراقية، أو جلسات الثرثرة حول أولويات الإصلاح. هذا اللحن النشاز يشبه القلق الذي يتسرب للذكور والإناث عندما يراقبون المراهقين وهم يحاولون بناء عالمهم، فيقتحمون عقولهم وقلوبهم ليعيدوا رسم العالم على شاكلة الوجوه المتحجرة والرغبات المسفوحة على مساحات "العار" و "الشرف".

"الحصانة" التي نشاهدها اليوم مكتوبة في أشكال الحياة التي تنحاز لـ"القوي"... على اختلاف معاني القوي ما بين الذكورة والأنوثة... وعلى تباين المعايير في نظرتنا لهذه المصطلحات، فعندما نقرر أن نعيش المستقبل ربما يصبح الموت "لذة" تنتهي معها "حصانة الجسد" لندخل في حصانة العشق والتعبير عن الرغبة...

أعترف أنني لا أملك "الحصانة"... ولست من المحصنات.. وربما دفعت ثمن البقاء على حدود القادم والماضي من سعادتي وفرحي، ومن الألق الذي يرافق وجه "الصبية" وهي تجتاز المراهقة نحو "النضوج" أو نحو التخشب... واعترف أنني لست سعيدة بتكسير "الحصانات"، لأنها تدفعني نحو الوحدة.. بينما أسعى للإنطلاق نحو الناس.. وأعترف أيضا أن الخيار الوحيد هو البحث عن المستقبل رغم الكآبة التي تجتاحني وأنا أحاول أن أرسم حصانة بلون الأنثى... بلون لا يراه إلا من قرر كسر المعتاد.