ما الغاية الإسرائيلية لاختراق طائراتها المجال السوري؟! هل هي رغبة في التعرف إلى مدى تطور أسلحتها بعد أن قالت إنها تزودت بصواريخ، وعتاد آخر متقدم، يمكنها استعماله في صد الاختراق؟ أم معرفة ما إذا كان لديها أسلحة أخرى زودت بها من إيران؟ أم الغاية الأهم الإدعاء أن محركات المقاومة الفلسطينية لحماس تدار من دمشق؟ ثم ما هو رد فعل الروس الذين أشيع عنهم أنهم عادوا إلى قاعدتهم البحرية في الساحل السوري؟
كل هذه الأسئلة تحتاج إلى إيضاحات للأهداف، ربما تأتي مع الأيام المقبلة لتكشفها، خصوصاً أن إسرائيل لم تعلق على تجاوز طيرانها المجال السوري.. وتأتي مسألة الخلافات العربية مع دمشق، رهان إسرائيل على استغلال مثل هذه الفرصة، ولعلها تغامر بتوقعاتها؛ لأنها تهاجم بلداً عربياً وفي أكثر التقاطعات العربية لا يمكن قبول أن تكون إسرائيل هي من يلعب على هذه التناقضات والخلافات، خصوصاً أنها الأقوى عسكرياً بين جيوش المنطقة..
لكن هذا قد تغير في موازين القوى عندما غزت أمريكا وجيوش دولية أخرى العراق، فتحولت إلى خوازيق لم تعرفها إلا في فيتنام، وإسرائيل إذا كانت تريد تكرار حروبها السابقة، فالعرب يستحيل أن يكونوا سلبيين؛ لأنها تغزو بلداً عربياً له وزنه الأمني، والإستراتيجي والقومي..
سورية لا تزال موجودة في لبنان، سواء من خلال حزب الله، أو قوى أخرى، وإذا كانت إسرائيل تريد أن تدخل الخط بطريقة الضغط على سورية، فاللبنانيون أيضاً ليسوا على درجة كبيرة من الغباء في مقايضتها؛ لأن تعدد عدوانها وضعهم في مواجهة واحدة معها، حتى لو جاء الدافع بتنسيق مع أمريكا لوقف تسلل عناصر عربية وإسلامية إلى العراق عبر حدودها، فإن الأجواء الدولية المشحونة بكره أمريكا، وتكاثر الانتقادات لإسرائيل حتى من الداخل الأوروبي والأمريكي بسبب ممارساتها التي تجاوزت الحدود الإنسانية، فإنها بأي مغامرة على سورية سوف تواجه السخط الدولي نفسه؛ لأن المنطقة ليست حجماً صغيراً متدنياً في أهميته؛ إذا عرفنا أن حرب 1973م جاءت بردود أفعال أخطر من كل أهدافها العسكرية على المجتمع الدولي، وخصوصاً فيما سمي بحرب النفط..
هناك مقاييس للأحداث، لكن التوقعات قد تخالفها، وربما أن إسرائيل بنت توقعاتها على سلسلة من الاختبارات، التي جعلتها مقدمة لفعل شيء ما، لكن ما فعلته بغزوها جنوب لبنان العام الفائت ربما علمها بعض الدروس، إذ لو قدر أن نشأت قوى أخرى تحيط بها مثل حزب الله، والمقاومة الفلسطينية، وانتشار ظاهرة الإرهاب التي تجعلها أهم أهدافها، سوف تخلق أجواء حرب قد لا تقودها الحكومات، وإنما تهيئها المنظمات.. وإسرائيل أدرى من غيرها بكيفية نشوء حماس وانقلابها عليها، تماماً كما حدث لأمريكا في أفغانستان، وهنا تأتي الأسباب والنتائج، وإسرائيل لا تزال على قائمة حروب مع دول المنطقة وخارجها.