لم تنتظر اسرائيل كثيرا حتى ترد على قرار العرب ضرورة حضور سوريا مؤتمر «الخريف» للسلام، فردت عبر طائراتها بعدوان عسكري سافر على سوريا لتوصل رسالة مفادها انها لن تجلس على طاولة المفاوضات مع دمشق ما دامت الاخيرة تقول ان لها حقا في الجولان وما دامت ترفض الدخول في دائرة السلام في المنطقة وعلى المقاس الاسرائيلي، فلغة الرفض في قاموس قادة تل ابيب مرفوضة والمطلوب ايضا رؤوى المقاومة الفلسطينية الذين تحتضنهم سوريا ويشكلون خطرا على الامن الاسرائيلي وهم من حاولت تل ابيب تصفيتهم في اكثر من مرة حتى تصفي القضية الفلسطينية وفشلت.

ليس هذا فحسب فتل أبيب مادامت نفت ان تحركاتها العسكرية في الجولان تهدف الى شن حرب على سوريا واذا ما توافقنا على القاعدة الصحفية التي تقول ان نفي الخبر هو خبر بحد ذاته واذا سلمنا بحقيقة ان كذب اسرائيل صدق وصدقها بالمقابل كذب فهذا يعني ان اسرائيل تفكر جديا في عمل عسكري عدائي ضد سوريا ذلك انها تريد ان توصل رسالة اخرى الى دمشق مفادها ان جيش الدفاع الاسرائيلي لم يقهر في لبنان في حرب الصيف وان طائراتها وصواريخها ما زالت طويلة لتطال العمق السوري ولعل الاعتداء الاسرائيلي على سوريا قبل ما يقارب ثلاث سنوات ما زال حاضرا في الاذهان عندما اغارت الطائرات الاسرائيلية على منطقة الصاحب السورية بذريعة انها تريد ضرب مكاتب حركة الجهاد الاسلامي والتي يخطط فيها توسيع العمليات العسكرية للانتفاضة الفلسطينية وتسبب بإيذاء جنود اسرائيل.

واضافة الى ذلك فإن الشكوك ما زالت تراود سرائيل بأن سوريا تعوم على بحر من الاسلحة القادرة على تدمير اسرائيل ومحوها عن بكرة ابيها لاسيما بعد ورود معلومات مؤكدة عن حصول سوريا على اسلحة روسية متطورة من جراء صفقة «شاطت» تل ابيب بسببها وضغطت واشنطن لالغائها فجاء هذا العدوان حتى تستطلع اسرائيل حقيقة قوة هذه الاسلحة، فكيف ستكون قوة ردة الفعل السوري اذا ما كانت صواريخ حزب الله الايرانية منها على وجه التحديد والاقل تطورا من الروسية قد اخلت بموازين القوة ولم تعد اسرائيل ذلك «البعبع» الذي يهدد الكيانات العربية برمتها.

هو إذن قلق اسرائيلي لن يهدأ على المدى القصير وتبقى معه كل الاحتمالات مفتوحة على مصراعيها في المنطقة ولربما يكون «الاسوأ» منها هو العنوان القادم خاصة اذا ما بقيت دمشق وطهران وحزب الله وحتى حماس مصرة على «مناطحة» واشنطن وتل ابيب.

مصادر
الوطن (قطر)