الخلاصة الأكيدة لما سمحت الرقابة العسكرية في إسرائيل بنشره، وما برز من مداولات الحكومة هناك أمس، وما سبق لوكالة «سانا» السورية للأنباء أن أعلنت عنه، أن الطائرات الإسرائيلية نفذت عملية فوق الأراضي السورية لم تكن مجرد خرق للأجواء. وحتى الكلام الاسرائيلي عن جدية لجوء سوريا الى رد والتدارس في نوعيته، يشير الى أن إسرائيل تعرف أنها قامت بعمل ما يستدعي رداً.

وإذا كان الصمت الإسرائيلي استمر «لأسباب أمنية»، كما ذكر معلقون كثر في إسرائيل أمس، فإن الاعلان الرسمي لوكالة «سانا» أن طائرات معادية «عبرت الحدود الشمالية قادمةً من جهة البحر المتوسط باتجاه المنطقة الشمالية الشرقية» و«تم التصدي لها من وسائط الدفاع الجوي، التي أجبرتها على المغادرة بعدما ألقت بعض ذخائرها» جاء ليدل على تطور خطير في ما خص الجبهة الاسرائيلية ـــــ السورية. ويتعلق النقاش الدائر حالياً، تحت عنوان التكهنات، بأمور ثلاثة:

أولاً: أن تكون إسرائيل وجهت ضربة عسكرية الى هدف عسكري أو أمني ذي طابع استراتيجي في سوريا، وأن الصمت الاسرائيلي يستهدف عدم تحمّل المسؤولية علناً من جهة، كما يستهدف إحراج سوريا لدفعها الى الحديث عن الهدف.

ثانياً: أن يكون ما حصل إشارة إضافية الى أن إسرائيل تريد توجيه ضربة الى خط سير تقول إنه قائم من دون توقف من سوريا الى لبنان ويستهدف نقل كميات كبيرة من السلاح المتطور الى حزب الله.

ثالثاً: أن تكون إسرائيل قد تورّطت في قرار أميركي يخص الحرب على إيران، وأنها تقوم باستطلاع جدي لخط السير الذي يوصل الى الاراضي الايرانية.

إلا أن اللافت في الأمر، أن سوريا، التي كانت تلجأ عادة الى التقدم من مجلس الامن الدولي بشكوى، لم تفعل ذلك، بل سارعت الى التأكيد أنها تدرس «سلسلة من الردود» على هذا العدوان، فيما لم تبادر الدول الخارجية، ولا سيما الولايات المتحدة، الى إعلان أي موقف من شأنه عكس المناخ الإجمالي، بين من يرغب في تصعيد يقود الى حرب وبين من يريد هدوءاً كالذي تحدث قادة العدو عنه كثيراً في الأيام الأخيرة.

وكان لافتاً ما كشفت عنه «هآرتس» عن أن إيهود أولمرت بدأ جلسة الحكومة امس بالقول «أقدر رجال الجيش وقادته الذين ينفذون عمليات شجاعة وغير تقليدية لا تتوقف للحظة واحدة». وبرر الصمت المطبق بالقول «هذه العملية، بطبيعة الحال، من نوع العمليات التي لا يمكن دائماً الكشف عن أوراقها أمام الجمهور. ثمة عمليات كثيرة تنفذها إسرائيل ضد التنظيمات الإرهابية، وسيتواصل تنفيذ تلك العمليات دون تردد، كل من يرسل إرهابيين سيتعرض للإصابة في أي مكان». ولم ينسَ أولمرت التشديد على الوزراء وحثهم على الامتناع عن الإدلاء بتصريحات بخصوص العملية الإسرائيلية.

نشرت صحيفة «حريات» التركية صوراً لخزاني وقود وجدا على الحدود السورية ـــــ التركية قالت إن طائرات إسرائيلية من طراز «إف ــــ15» ألقتهما. ونسبت الصحيفة إلى «خبراء» القول إن الطائرات الحربية الإسرائيلية تخلصت من خزانات وقود إضافية لتهرب بسرعة أكبر بعدما استهدفتها الدفاعات السورية. وطلب المسؤولون الأتراك «توضيحاً» من إسرائيل «عما إذا كان لهذين الصهريجين علاقة بالطائرات الحربية الاسرائيلية التي حلّقت في الأجواء».

ومن المقرر أن يصل وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى أنقرة اليوم لإجراء محادثات كانت مقررة سلفاً. وقال دبلوماسيون أتراك إن تركيا ستثير معه مسألة الطائرات الحربية الإسرائيلية.

من جهتها، نسبت قناة «العربية» الى مصدر إسرائيلي لم تسمّه ترجيحه أنّ «المقاتلات الإسرائيلية كانت تستهدف صواريخ أرض ـــــ جوّ التي نشرتها روسيا على طول الساحل السوري أخيراً».

أما روسيا فقد علّقت، على لسان أحد مندوبيها لدى الأمم المتحدة، نقلت تصريحاته صحيفة «نيويورك صن»، بأنّ «الوضع العسكري بين سوريا وإسرائيل متوتر والأجواء مضطربة بينهما».

وتخوّفت مصادر سورية من إمكان «شنّ إسرائيل حرباً لاستعادة هيبتها التي كسرتها حرب تموز الأخيرة وهزيمتها أمام حزب الله».