واجه قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس والسفير رايان كروكر، في اليوم الثاني لإدلائهما بإفادتيهما أمام الكونغرس، انتقادات شديدة من المشرعين الديموقراطيين. وقال بترايوس رداً على سؤال: «من الصعب جداً إبقاء التعزيزات العسكرية الى ما بعد آذار (مارس) المقبل مهما كانت الظروف الأمنية».

وعلى رغم ترحيب الحكومة العراقية بإفادة المسؤولين الأميركيين واعتبارها شهادة «في إنجازاتها التاريخية»، أكد كروكر أمس «عدم فعاليتها» في عملية المصالحة وفي مجالات أخرى كثيرة. وشدد على أهمية العمل. وفي الإطار ذاته لم تستبعد وزارة الخارجية لقاء بين الوزيرة كوندوليزا رايس ونظيريها السوري والايراني في اسطنبول، خلال اجتماع للدول المجاورة للعراق في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.

وبدا كروكر وبترايوس في موقع دفاعي أمس في مواجهة انتقادات أعضاء جمهوريين وديموقراطيين في الكونغرس. اذ دعت السيناتور باربرا بوكسر الى «وقف النزيف العسكري والمادي» للأميركيين في العراق، وواجها الكثير من الأسئلة حول التناقضات بين ما ورد في شهادتيهما وفي تقارير وزارة الدفاع (البنتاغون) من جهة، وتقارير الخبراء المستقلين الذين حذروا من المطبات الأمنية والاقتصادية والسياسية في العراق. وتعهد كروكر بمزيد من الديبلوماسية في المرحلة المقبلة كي «ينخراط العراق في ديبلوماسية أقوى مع الدول المجاورة».

من جهته اعتبر بترايوس انه سيكون من الصعب على الولايات المتحدة إبقاء تعزيزاتها العسكرية التي أرسلتها في مطلع 2007 الى العراق العام المقبل أياً كان الوضع ميدانياً.

وعبر السيناتور جوزيف بايدن عن انتقاداته لدى بدء جلسة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ للاستماع الى شهادة بترايوس وكروكر. وقال ان «الشعب الاميركي لن يؤيد حرباً لا نهاية لها، هدفها الوحيد هو منع الاوضاع في العراق من ان تصبح اسوأ مما هي عليه اليوم».

وعرض بترايوس خطة لخفض عدد الجنود بنحو 30 ألفاً ليصبح حوالي 130 ألفاً بحلول الصيف المقبل، اي العودة الى المستوى الذي كان موجوداً قبل ان يأمر الرئيس جورج بوش بزيادة القوات في بداية العام الجاري. لكنه قال إنه لا يستطيع ان يتنبأ بمدى السرعة للبدء بخفض القوات، بعد الصيف المقبل، وأصر على ان قواته ينبغي ان تستمر في حماية سكان العراق، ورفض اقتراحات بأن تسلم المهمات الى قوات عراقية وتركز على عمليات لمكافحة الارهاب.

وابتعد نواب جمهوريون أمس عن خط الادارة وشككوا في الاستراتيجية الحالية في العراق. وتساءل السيناتور في لجنة العلاقات الخارجية ريتشارد لوغار: «هل التقدم في العراق كاف لتبرير استمرار التضحية الأميركية». واعتبر «تحقيق بعض النجاح ما زال ممكناً انما الهامش المتاح لتسجيله بات ضيقاً جداً». وانعكس التذمر في صفوف الجمهوريين على لسان السيناتور تشاك هاغل الذي أعلن أن الاستراتيجية الحالية «فشلت» لعدم تحقيقها أي تقدم على المسار السياسي. ورد كروكر بتحميل الحكومة العراقية هذه المسؤولية واعتباره أنها «غير فاعلة اليوم». لكنه أشاد باللامركزية وتعزيز قدرات السلطات المحلية في المحافظات.

اجتماع اسطنبول

الى ذلك أعلن الناطق باسم الخارجية شون ماكورماك أن رايس ستشارك في اجتماع الدول المجاورة للعراق الذي سيعقد في اسطنبول في تشرين الأول المقبل. واوضح ان العراق وتركيا ينظمان هذا الاجتماع الذي يعقد على غرار الاجتماع الوزاري الاول الذي التأم في نيسان (ابريل) في شرم الشيخ، حين التقت رايس نظيرها الايراني منوشهر متقي ووزير الخارجية السوري وليد المعلم. ولم يستبعد ان تعاود لقاء الوزيرين، وقال: «اعتقد ان هذا الخيار مفتوح، ولكن لا اجتماع حتى الآن على جدول الاعمال».

ولفت الى ان الاجتماع غايته «المساعدة في تحقيق استقرار استراتيجي في العراق»، مضيفاً: «سيجمع الدول المجاورة، ليس فقط لتحديد كيفية مساعدة العراقيين في عدد من القطاعات ولكن ايضا لتقويم ما تم انجازه في مجموعات العمل والخطوات التي يمكن القيام بها».

وتابع: «وجدنا ان اجتماع المرة الاخيرة (في شرم الشيخ) كان مفيداً جداً. هذا الأمر يلفت انتباه الدول المجاورة الى المشاكل التي تستدعي معالجة ويتيح جمع كل الاطراف في غرفة واحدة كي يعدوا أمام الآخرين بأنهم سيساعدون العراق».

تعويضات حرب الخليج

على صعيد آخر، طلب وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري من مجلس الأمن «تعليق» استقطاع نسبة خمسة في المئة من مبيعات النفط ومنتجاته والغاز الطبيعي لمصلحة «صندوق التعويضات»، الذي أنشأه المجلس للتعويض عن حرب الخليج.

وبعث زيباري برسالة إلى رئيس مجلس الأمن وُزعت أمس وثيقة رسمية أشارت إلى أن العراق يخسر ما بين 200 إلى 250 مليون دولار كل ثلاثة اشهر، بسبب الاستقطاع، وانه دفع مبالغ طائلة جداً بلغت حتى نهاية نيسان (ابريل) 2007 حوالي 22 بليون دولار.

واقترح على المجلس»تعليق الاستقطاع، بالتنسيق مع لجنة الأمم المتحدة للتعويضات، على أن يبحث الأمر مستقبلاً في مؤتمر دولي يضم العراق والدول المعنية أو يُبحث بصورة ثنائية بين العراق وكل دولة من الدول ذات العلاقة».

ودعا الى ايجاد «آلية مناسبة للتفاوض مع الدول المعنية التي لديها مبالغ لم تُدفع من صندوق التعويضات لتسوية الموضوع، إسوة بالدول التي خفضت ديونها في نادي باريس».

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)