يذكرني الحديث عن "الاشتباه" بنشاط نووي في سورية، بجملات الشبهات التي تحيط حياتنا والتي على ما يبدو استطعنا تصديرها إلى "نظام المحافظين الجدد" الذين يقتلون بالشبهة وربما يرتكبون ما يماثل "جرائم الشرف" لمجرد التخمين أو الظن.

فالتصريحات التي أطلقت مؤخرا حملت "عنجهية" ذكورية لا تختلف عن المساحة الثقافية التي يتمتع بها ذكور ثقافتنا، فهم يراقبون عن كثب "النضوج" الأنثوي ويعيشون في "الاشتباه" والظن والصراع خوفا على "العرض"، وفي السياسة الدولية اليوم حالة مشابهة رغم وجود "كوندليزا رايس" داخل الإدارة الأمريكية.

"الشبهة" على ما يبدو لم تعد مسألة متعلقة بالفقه الإسلامي، ولم تعد القاعدة الفقهية "ادرءوا الحدود بالشبهات " مرتبطة بـ"حسن النية" ومحاولة استبعاد "التهم بل على العكس لأنها أصبحت مقدمة لكل شر يمكن أن ينهمر فجأة فنجد أنفسنا أمام واقع لا نعرف من أين أتانا... هي حالة تشبه إلى حد بعيد "الواقع الاجتماعي" .. وهي أيضا تزيل الغربة الثقافية بين أقطاب التطرف في العالم، فكما انتقلت "الشبهات" من أولي الأمر إلى أي حالة "ذكورية" في المجتمع، فإنها في السياسة الأمريكية تحولت من إدارة الأزمة بـ"الاشتباه" إلى الحرب الاستباقية لمجرد التخمين.

إنها صورة فقط لطغيان واقع ثقافي واحد على العالم ينتقل من التفصيل اليومي في حياة "أنثى" مشكووك بأمرها، أو ذكر يصارع الشك، إلى قرارات دولية وأجهزة استخبارات تحاول التقصي لكنها رغم ذلك تعرب عن شكها كي تبقى القلق موجودا داخل الدول والأفراد.

وهي صورة أيضا لواقع يطرف أبوابنا ولا يعفينا من قراءة انفسنا، لأن "الشتباه" هنا مقدمة تصل إلى نتائج جاهزة، فنعرف أن المسألة لا تتعلق بـ"حدود" تقليدية عرفناها في تراثنا، بل أيضا محاول لكسر الإرادات تماما كما تفعل "السلطات الذكورية" في كسر إرادة الأنثى ورغبتها وقدرتها على المعرفة.

ليست نرجسية أنثى بل مجرد مقاربة لا بد منها بعد "الاشتبا" والتلميح والقلق الذي يعصرنا تجاه الوطن.