سبب رجل الدين الشاب مقتدى الصدر إرباكًا حقيقيًا للإئتلاف العراقي الشيعي الموحد وحكومته، بإعلانه الإنسحاب منه وإجرائه مباحثات مع حزب الفضيلة الإسلامية الذي سبقه في الإنسحاب من أجل إنشاء جبهة جديدة تضع حكومة نوري المالكي في مهب الريح بعد فقدانه لأكبر سند أوصله إلى رئاستها... بينما رفض اياد علاوي رئيس الوزراء السابق زعيم حركة الوفاق الوطني العراقي خططًا لإنشاء مزيد من الجدران العازلة بين احياء بغداد، واصفًا ذلك بأنه خلق للطائفية المناطقية. في حين بحث الرئيس جلال طالباني مع وفد من الكونغرس الأميركي التحديات التي تواجه بلاده. فقد شكل إنسحاب الكتلة الصدرية من الائتلاف الشيعي ضربة قوية للتحالف الحاكم وضعه أمام خيار فقدان الغالبية التي يتمتع بها في مجلس النواب، وأحرج موقف المالكي الذي تعاني حكومته أصلاً من انسحاب 15 وزيرًا. فبهذا الانسحاب فقد المالكي أكبر داعم سياسي له استطاع بتحالف حزبه الدعوة الإسلامية الذي يقوده مع الصدر منذ نيسان (ابريل) من العام الماضي بتحقيق الفوز على عادل عبد المهدي "نائب الرئيس العراقي حاليًا" مرشح المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بزعامة عبد العزيز الحكيم بصوت واحد في الإنتخابات التي جرت داخل الإئتلاف لاختيار رئيس جديد للحكومة.

ولم يكتفِ الصدر بهذا الانسحاب من الائتلاف وإنما بدأ مباشرة مفاوضات مع حزب الفضيلة الاسلامية لتشكيل تحالف جديد خارج إطار التكتل الحاكم. فبعد انسحاب الفضيلة بنوابه الخمسة عشر من الائتلاف في آذار (مارس) الماضي، اضحى عدد نواب هذا الأخير ينخفض إلى 115 نائبًا... وبانسحاب الصدريين بنوابهم الإثنين والثلاثين يتحقق المزيد من التناقص ليصل إلى 83 نائبًا سيقابلهم 47 نائبًا معارضًا جديدًا من الفضيلة والصدريين والذين سيضافون إلى المعارضين الآخرين في جبهة التوافق "44 نائبًا" والقائمة العراقية "22 نائبًا" وجبهة الحوار الوطني "11 نائبًا" إضافة إلى نواب من الكتل الصغيرة الاخيرة في مجلس النواب الذي يضم 275 عضوًا.

وبهذا الانسحاب، فإن مصير رئيس الحكومة نوري المالكي أصبح رهن تأييد التحالف الكردستاني "52 نائبًا" ليحظى بغالبية هشة تضم 136 نائبًا من حزبه الدعوة والمجلس الاسلامي والتحالف الكردستاني، مقابل 127 نائبًا معارضًا عدا 12 نائبًا آخر لا تعرف مواقفهم بعد، إذ ينتمون إلى فصائل صغيرة ويمكن ان يؤثروا في التوازنات النيابية الحزبية. ومن الواضح ان انسحاب التيار الصدري من الائتلاف سيشل حكومة المالكي اكثر حيث انها تقف اصلاً على ارضية هشة نتيجة الازمات التي تواجهها بانسحاب كتل الصدر والتوافق السنية والقائمة العراقية منها.

ولدى اعلان انسحاب الكتلة الصدرية من الائتلاف الشيعي الليلة الماضية، أشار لواء سميسم رئيس الهيئة السياسية التابعة لمكتب الصدر الى انه نظرًا لعدم ظهور اي مؤشرات ايجابية للاستجابة من الائتلاف للمطالب التي تقدمنا بها إليه، فقد قررت الهيئة السياسية لمكتب الصدر الاعلان عن انسحاب الكتلة الصدرية من الائتلاف الموحد".

ومن جانبه، قال الشيخ صلاح العبيدي الناطق باسم الصدر "هناك جملة من الاسباب التي دفعتنا الى ذلك، منها قضية التحقيق في كربلاء وموقف الحكومة مما جرى، واتخاذها موقفًا موحدًا لم يتغير تجاهنا". واضاف ان "هناك ايضًا جملة من الاسباب دعتنا الى اتخاذ هذا الموقف ومنها عمليات الاعتقال التي تطال القيادات في التيار الصدري، خصوصًا على خلفية اغتيال محافظي السماوة والديوانية".

وقال "توصلنا إلى أن الحكومة والائتلاف فشلا في تحقيق اقل ما يمكن من الخدمات والأمن للمواطنين، على الرغم من الفرص المتاحة لهما". واضاف "ناقشنا ايضًا عدم فاعلية الإئتلاف في اخراج العملية السياسية من حالة الاختناق الشديد التي تعاني منها، إضافة الى عدم ايفائه بالعهود التي قطعها على نفسه لعموم العراقيين الذين انتخبوه". واشار العبيدي ان "الائتلاف يعاني من ازمات كثيرة اهمها ان بعض الاطراف المهيمنة عليه تعمل بازدواجية مفرطة حيث تهيمن على قرارات من جهة ومن جهة اخرى تعقد تكتلات من خارج الكتلة الرئيسة من دون الرجوع الى الاطراف الاخرى وهذه واحدة من النقاط التي تدعونا إلى المراجعة".

وكان التيار الصدري قد أعلن أن القوات العراقية اعتقلت عددًا من انصاره في كربلاء على خلفية الاشتباكات بين مسلحين والشرطة قبل نحو ثلاثة اسابيع اسفرت عن مقتل 52 من الزوار الشيعة واصابة 300 آخرين خلال احياء ذكرى ولادة الامام المهدي قبل اسبوعين.

وعن التحالف بين الفضيلة والصدريين، قال حسن الشمري رئيس كتلة الفضيلة في مجلس اانواب عقب اعلان انسحاب الكتلة الصدرية "عقدنا اجتماعًا مع الكتلة الصدرية وناقشنا جملة من الامور السياسية وقد توصلنا الى اتفاقات حولها كما ان هناك امورًا ستبحث في لقاءات قادمة، آملين في الوصول الى ارضية مشتركة حول مجمل القضايا التي تجمع التيار الصدري بحزب الفضيلة". واضاف ان "هناك الكثير من المشتركات بين الكتلتين وان العمل السياسي لا يتوقف على تشكيل كتلة او جبهة موحدة". واعتبر انه "من الممكن التوصل الى اتفاق في المستقبل حول الاعلان عن الجبهة المشتركة".

طالباني يؤكد لوفد من الكونغرس التصميم على تحقيق الأمن

وبحث الرئيس العراقي جلال طالباني مع وفد من الكونغرس الاميركي ضم كلاً من السيناتور ماكس باوكس والسناتور أوليمبيا سنو والسناتور بين نيلسون والسناتور كين سالازر مجمل الاوضاع السياسية والتحديات التي تعرقل العملية السياسية، مشيرًا إلى أن العراق بلد صعب المنال ولكن هناك تصميمًا وإرادة لدى العراقيين لتوفير الامن والاستقرار ومحاربة الارهاب. واشار طالباني خلال اجتماعه مع الوفد الاميركي الليلة الماضية الى العراقيل التي تعيق الوصول الى تفاهمات مشتركة حول القضايا العالقة كما نقال بيان رئاسي عنه . واضاف ان الرئيس شدد على ضرورة ابداء المرونة من قبل كافة الاطراف من اجل الوصول الى الاتفاق على التشريعات الاساسية والتعديلات الدستورية، وفي هذا الصدد قال طالباني ان هناك فرصة جيدة وأرضية مناسبة للتفاهم حول الكثير من المسائل الخلافية.

وجدد الرئيس ترحيبه بتقريري باتريوس وكروكر والمناقشات التي دارت حولهما قائلاً ان الشهادتين والمناقشات التي دارت حولهما مفيدة لنا بغية الاسراع في تذليل العقبات التي تعرقل سير تقدم العملية السياسية الى الامام. وقد تبادل الرئيس العراقي مع وفد الكونغرس الاراء حول ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية وتطوير الحكومة وترسيخ مبدأ التوافق والمشاركة الحقيقية والقيادة الجماعية لادارة البلد ورسم السياسات العامة وعدم اهمال أي مكونة من المكونات الاساسية. وشدد طالباني على ضرورة عدم اهمال التطورات والجوانب الايجابية لعملية التحرير خاصة وان هناك تقدمًا هائلاً في اقليم كردستان على جميع الاصعدة.

علاوي يرفض اقامة الجدران الحاجزة بين احياء بغداد

اكدت حركة الوفاق الوطني العراقي بقيادة رئيس الوزراء العراقي السابق رفضها لإقامة الجدران الفاصلة بين احياء بغداد. واعتبرت الحركة في بيان صحافي ارسلت نسخة منه الى "ايلاف" انه مع سوء الاوضاع العراقية، فإن مازاد الطين بلة هو أن العراق في طريقة الى التمزق التام الذي تمثل بالمناطقيه الطائفيه "الذي طالما حذرنا منها مرارًا وتكرارًا". واضافت ان المحلة الواحدة صارت تتجزأ الى اكثر من محلة تقطع اواصر القربة والمحبة بينهم اسوار خرسانيه لم تكن تطرأ على بال اكثر المتشائمين. واشارت الى ان هذه الجدران الفاصلة تمثل اجراء خطرًا في تمزيق العراق وبالذات العاصمة بغداد لتتحول الى مدينة مقطعة الاوصال بعد أن كانت منارًا للدنيا والسلام والمحبة وعلامة دالة لكل محب للسلام وللعلم والثقافة والفكر... وفي ما يلي ما جاء في البيان:

بيان صادر من المكتب الاعلامي لحركة الوفاق الوطني العراقي

لطالما حلم العراقيون ان التغيير الذي حدث بعد 9-4-2003 سيوحدهم ويوحد كلمتهم وينأى بهم عن كل ما من شأنه ان يزيدهم نكبات وماسٍِ بعد فترة مريرة عاشوها في ظل النظام الشمولي الذي دام لاكثر من خمسة وثلاثين عاما. ولكن للاسف الشديد ، تعرض شعب العراق الى هجمات شرسة تمثلت بالارهاب وحكومة المحاصصة الطائفيه السياسيه ومازاد الطين بله ، ان العراق في طريقة الى التمزق التام الذي تمثل بالمناطقيه الطائفيه الذي طالما حذرنا منها مرارا وتكرارا ... وهكذا صارت المحلة الواحدة تتجزا الى اكثر من محلة تقطع اواصر القربى والمحبه بينهم اسوار خرسانيه لم تكن تطراْ على بال اكثر المتشائمين.

ان ماقدمت عليه الحكومه يمثل اجراء خطيراً في تمزيق العراق وبالذات العاصمة الحبيبة بغداد لتتحول الى مدينة مقطعة الاوصال . اننا في حركة الوفاق العراقي نستنكر هذه الاجراءات القاسية بحق شعبنا وعاصمتنا بغداد والتي كانت مناراً للدنيا والسلام والمحبه وعلامة دالة لكل محب للسلام وللعلم والثقافة والفكر. وفي ذات الوقت نحمل الحكومه مااقدمت عليه ضاربة عرض الحائط مطاليب ابناء شعبنا في وقف هذه الممارسات التي تدل على ان وراء الاكمه ماوراءها في تنفيذ اجندات دول اقليميه تريد للعراق التمزيق والانهيار التام. وصوتنا مع اصوات شعبنا يعلو فوق هذه الكتل ، صوت واحد موحد من اجل عراق قوي ومزدهر.
حركة الوفاق الوطني العراقي

وخلال الاسبوع الماضي شارك المئات من العراقيين الشيعة والسنة في تظاهرة احتجاجًا على بناء جدار اسمنتي يعزل منطقة الشعلة الشيعية عن حي الغزالية السني في شمال غرب بغداد معتبرين انه "تكريس للطائفية". وقد بدأت القوات الاميركية قبل ايام ببناء جدار طوله حوالى الكيلومتر على طول الحدود بين الغزالية والشعلة ولم تنته من انجازه بعد. وقد خرج المئات من اهالي المنطقة من المناطق الشيعية والسنية في تظاهرة موحدة تندد بهذا العمل الذي اعتبروه "تكريسًا للطائفية". وسارت التظاهرة التي شارك فيها زعماء عشائر ورجال دين واهالي المنطقتين انطلاقا من الشعلة الى الغزالية وسط اجراءات امنية مشددة. ورفع المتظاهرون لافتات كتبت باللغتين العربية والانكليزية "كلا للجدار العازل" واخرى "الجدار العازل ارهاب اميركي".

وطالب المتظاهرون عبر بيان وزع خلال التظاهرة الحكومة العراقية "التدخل لوقف بناء الجدار فورًا ورفع ما تم بناؤه" مؤكدين ان "الجدار يلبي مخططات القاعدة" وعلى الحكومة ان "تأخذ زمام الامور بتسليم الملف الامني في المنطقتين لقوات الامن العراقية". وأكد البيان ان "الجدار بني ليفصل بين العائلة الواحدة". وهتف المتظاهرون الذين رفعوا اعلامًا عراقية "كلا كلا للارهاب" و "نعم نعم للوحدة".

وسبق للقوات الاميركية ان قامت مطلع العام الحالي ببناء جدار عازل مماثل بطول 4،5 كيلومترات من كتل الاسمنت المسلح تزن الواحدة منها اكثر من ستة اطنان بارتفاع خمسة امتار حول منطقة الاعظمية السنية مبررة ذلك بمنع المقاتلين الشيعة من تنفيذ هجمات تهدف الى اجبار السنة في المنطقة على الرحيل وكذلك منع المسلحين السنة من استخدام المنطقة لتنفيذ هجمات في الاحياء الشيعية المجاورة.

ويوم الجمعة الماضي، قالت صحيفة الغارديان اللندنية أن تقريرًا جديدًا للكونغرس الأميركي أوصى ببناء ما اسماها "جدران السلام" في إطار الخطط التي اعتمدها البيت الأبيض لتأمين بغداد وتخفيف العنف الطائفي في العاصمة . واشارت الصحيفة الى إن اللجنة المستقلة حول قوات الأمن العراقية التي شكلها الكونغرس الأميركي هذا العام للمساعدة في وضع سياسة أمنية للعراق اقترح تشييد المزيد من "جدران السلام" مشابهة للجدران التي تقسم بلفاست أكبر مدن إيرلندا الشمالية منذ العام 1969.

مصادر
ايلاف