نغمة جديدة أطلقتها إسرائيل وأمريكا ضد سوريا ، وهي اتهام سوريا بالتعاون النووي مع كوريا الشمالية . تأتي هذه الإشاعة بعد أسبوع من العدوان الإسرائيلي - جواً - على سوريا وهو أمر أعلنته سوريا ، وقدمت به شكوى لمجلس الأمن ، وذلك رفعاً للعتب فقط لا غير لأنها تعلم جيداً ما هو مجلس الأمن بالنسبة لإسرائيل . كما تأتي هذه الإشاعات بعد أن تحسنت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وعدوتها كوريا الشمالية التي ظهرت هي وإيران في آن واحد قوتين نوويتين ، وقد عجزت أمريكا والغرب عن ثني إيران عن برنامجها النووي ولكنها جعلت كوريا الشمالية تتراجع بعرض مالي سخي ، وقد تم ذلك فعلاً.

والسؤال لماذا هذا التشويش السياسي الإعلامي الإتهامي لسوريا في هذا الوقت . هل تريد أمريكا أن تكرر السيناريو الذي استعملته في العراق أيام صدام باتهام العراق بأسلحة الدمار الشامل ، واستنهاض دول العالم الموالية لها ، وأخذ قرار دولي بالتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل ، وطبعاً لا يكون ذلك بالرضا بل بالقوة والاحتلال ، وهو الذي كان ، وها هي أربع سنوات تمر من غير أن يجد المحتلون شيئاً مما ذكر . هل هي بداية المشوار الطويل الذي ينتهي باحتلال سوريا ، لأن سوريا هي الدولة الوحيدة في المنطقة العربية المتهمة بمساعدة الإرهاب في العراق وغير العراق ، وهذه خدمة جليلة تقدمها أمريكا لإسرائيل ، إذ لم يبق إلا سوريا وإيران تناوئان أمريكا وإسرائيل مع الفارق بينهما.إن سوريا مناوئة لإسرائيل بنظر أمريكا ، والاحتلال الإسرائيلي لأرض سوريا قائم ، كما أن سوريا تشكل مع إيران وحزب الله حلفاً حسب الزعم الأمريكي. دواعي كسر شوكة سوريا بالاحتلال أو بالعقوبات على أقل تقدير قائمة ، ولكن أمريكا تورطت في احتلال العراق ، وهي تبحث عن مخرج فلا تجد ، وهي تتكبد الخسائر البشرية والمالية يومياً ، وهي حرب قسمت الشعب الأمريكي إلى قسمين ولا نقول إلى حزبين سياسيين.

الولايات المتحدة المثقلة بالورطة المتشعبة في العراق ، والمشغولة بإقليم دارفور والصومال ، هل تعيد الكرة أو الغلطة لتحقق خدمة جليلة لإسرائيل . أم ان هذا الاتهام لا يزيد عن زوبعة في فنجان ، لا يزيد عن التشويش والتخويف لسوريا المتهمة بتدخلها بالشأن اللبناني وفي تعاونها مع إيران وفي دعمها للمقاومة الفلسطينية وحزب الله. هذا الاتهام بدا من الصحف الإسرائيلية ، ولكنه سيأخذ مداه ، سيلقى استحسانا من أطراف دولية عدة ، وهو وان لم يثبت صحة الزعم والادعاء فلا اقل من التشويش والتخويف . سوريا نفت الخبر جملة وتفصيلا ، واعتبرته حملة تحريض ضد سوريا ، وكوريا الشمالية لم تقل شيئا ، والولايات المتحدة قالت انها تقابل الخبر باهتمام ، وان لم تكن لديها أدلة تثبت ذلك.

مطلق الإشاعة وصاحب الاتهام لا يخسر شيئا ، واقل ما يربحه هذا الأثر النفسي والتحريضي الذي يتركه الاتهام ، والمراقبون الدوليون يستبعدون هذا النوع من التعاون النووي بين سوريا وكوريا الشمالية ، ذلك لان كوريا الشمالية ملتزمة بالاتفاق الذي أبرمته مع أمريكا خوفا وطمعا .

أما الخوف فمن التضييق الأمريكي ـ ولها في العراق عبرة ـ أما الطمع فللمليارات التي أغدقتها أمريكا على كوريا مقابل وقف مشروعها النووي وعدم تصديره ، وكوريا بفقرها المدقع ، وسوء أحوالها الاقتصادية يكون المال والانتعاش الاقتصادي خيراً لها من مشوار المشروع النووي.

وسوريا ليست في مهب الريح وليست جديدة على التهديد والوعيد وأمريكا لم تقصر في التضييق والاتهام لها بموقفها من الواقع العراقي واللبناني والفلسطيني. وخير لأمريكا أن تلملم أخطاءها وعيوبها وخسائرها في العراق من أن تفتح جبهة جديدة.

مصادر
الخليج (الإمارات العربية المتحدة)