لو افترضنا أن الهجوم الذي شنته طائرات “إسرائيلية” على منشآت عسكرية في شمال سوريا استهدف، ضمن ما استهدف، الحصول على إجابات لأسئلة مازالت تشغل القيادة العسكرية “الإسرائيلية” حول مستوى الاستعدادات السورية للرد على هجوم “إسرائيلي” أو المبادرة بشن هجوم على “إسرائيل”، فإن الرد السوري ضاعف من غموض الموقف بالنسبة “للإسرائيليين”، فمن ناحية لم يكن الرد السوري سلبياً أو مستكيناً فعلى العكس من الرد السوري على غارات “إسرائيلية” سابقة بادرت دمشق بالكشف عن هذا العدوان في حين كانت الردود السورية على تلك الغارات السابقة هي الصمت بينما كانت “إسرائيل” هي التي تبادر بالكشف عنها لمزيد من الاحراج للموقف السوري، هذه المبادأة السورية بالكشف عن العدوان الجديد الزمت “الإسرائيليين” الصمت، وزادت غموض الموقف السوري وأعادت تجديد طرح السؤال المهم: هل سوريا تفكر في شن هجمات على “إسرائيل” أو على الأقل، هل سوريا تملك القدرات اللازمة لشن مثل هذه الهجمات؟

ومن ناحية ثانية ازداد غموض السؤال السابق بعد ان اكتفى السوريون باستخدام المضادات الأرضية التقليدية من دون استخدام أسلحة أخرى اكثر تطوراً كان “الإسرائيليون” أملون بالتعرف إليها لبناء خططهم الهجومية والدفاعية في التعامل مستقبلا مع سوريا. فقبل ذلك الهجوم الأخير كان تقرير “إسرائيلي” قد اتهم روسيا بالسعي الى تعزيز القدرات العسكرية السورية وعقد صفقات اسلحة بحرية وجوية، وتوثيق العلاقات مع دمشق لضمان تعزيز مكانة روسيا في الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط من خلال تفعيل اسطولها البحري في ميناء طرطوس، وأشار هذا التقرير الى ان سوريا تسعى للحصول على صواريخ ارض أرض من نوع “اسكندر اي” وصواريخ مضادة للدبابات من نوع “اس 300”، ناهيك عن بطاريات صواريخ دفاع جوي متطورة متوسطة المدى من طراز “بوك ام 2”، وأخرى قريبة المدى من طراز “ستريليتس” (السهم) و”بانتسير” (الدرع).

تعمد سوريا عدم استخدام أسلحة متطورة في الرد على الهجوم “الإسرائيلي” الأخير فوت على “الإسرائيليين” فرصة اختبار القدرات الدفاعية السورية، وتعمد سوريا الافصاح عن هذا الهجوم، زاد من شكوك “الإسرائيليين” في النوايا السورية، لكن الأهم أنه لم يحقق الهدف الأهم وهو ردع الإرادة السورية تجاه الأزمتين العراقية واللبنانية.

مصادر
الخليج (الإمارات العربية المتحدة)