مسألة المحادثات مع سوريا تثير الخلاف في أوساط كبار مسؤولي جهاز الامن منذ سنوات عديدة ، أربعة رؤساء وزراء حاولوا وفشلوا ، ومن هذه الخلفية تأتي المفاجأة: حتى في الايام التي تعد ذروة التوتر بين اسرائيل وسوريا ، على خلفية الغارة المنسوبة للجيش الاسرائيلي في الاراضي السورية ، تنطلق أصوات واضحة في جهاز الامن مؤيدة لاستئناف الحوار السياسي بين الدولتين ، ومحافل أمنية تناولت المسألة قالت ان لاسرائيل مصلحة واضحة في ادارة مفاوضات سلمية مع سوريا ، حتى وان لم تعطي نتائج.

عمليا ، موقف شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي "امان" لا يزال مؤيدا للمفاوضات مع السوريين ، رغم التطورات الاخيرة ، وداخل الشعبة يوجد نهجان رئيسان: الاول ، يقوده رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العميد يوسي بايدتس ، يقوم على فرضية أنه رغم التسلح العسكري المتسارع لديهم ، فان السوريين معنيون بحق باتفاق سلام مع اسرائيل.

وبالمقابل ، فان رئيس شعبة الاستخبارات اللواء عاموس يدلين ، يتصدر مفهوما معاكسا بموجبه ، فان معظم الاحتمالات هي أن السوريين غير معنيين بسلام ، ويستند يدلين الى أن السوريين يصرون على عدم ادارة المحادثات الا بوساطة الولايات المتحدة ، وليس بشكل مباشر ، ويواصلون طوال الوقت السماح لمنظمات الارهاب بالعمل من اراضيهم ، وعلى الرغم من ذلك ، يؤمن رئيس شعبة الاستخبارات بان المفاوضات مع سوريا هي هدف ينبغي لاسرائيل أن تسعى اليه ، لان له فوائد اكثر مما فيه من ضر ، وبوسعه أن يبدد قدرا ما من التوتر بين الدولتين.

في شعبة الاستخبارات لا يفكرون على هذا النحو ، ففي الاونة الاخيرة انطلقت أيضا اصوات من محافل أمنية قالت انه "الان بالذات توجد أهمية خاصة لادارة مفاوضات تقلص جدا خطر التدهور الى الحرب.

ورغم الاصوات المؤيدة لادارة مفاوضات مع السوريين ، واضح لكل محافل الامن انه على المدى الزمني القريب فان مثل هذه الامكانية ليست على جدول الاعمال بشكل علني ، بالعكس ، اسرائيل في حالة تأهب عالية منذ البيان السوري عن العملية السورية في اراضيها ، هكذا كان الحال ايضا طيلة ايام العيد ولا تزال لا توجد مؤشرات على أن حالة التأهب توشك على الانخفاض.

وبالتوازي ، فان اسرائيل الرسمية تواصل الحفاظ على الصمت المطبق وعدم تناول الدعاوى بشأن العملية ، اما الصحافة العالمية فلم تكف بالمقابل عن الانشغال في الموضوع ، ويتبين من التفاصيل العديدة التي نشرت في وسائل الاعلام الاجنبية أن الصورة بشأن ما حدث آخذة في الاتضاح ، واذا كانت المنشورات صحيحة ، فسيكون ممكنا منذ الان القول ان العملية التي نفذت كانت احدى العمليات الخطيرة واللامعة في تاريخ الجيش الاسرائيلي ، فكل عملية على مسافة نحو 300كم من الاراضي الاسرائيلية خطيرة جدا ، فما بالك اذا كانت شاركت فيها ايضا قوات برية وليس فقط جوية ، كما جرى الادعاء في بعض المنشورات الاجنبية.

في اسرائيل وفي الولايات المتحدة يسود تخوف عام من أن عناصر قادرة على ان تشكل اساسا لانتاج سلاح نووي ، وكذا خبراء ذوي معرفة هائلة في المجال ، من كوريا الشمالية والباكستان ، يعملون بالتوازي في عدة دول "لتسويق" انتاجهم وعلمهم ، والتقديرات هي أن ايران ، التي يقف برنامجها النووي في بؤرة الاهتمام العالمي منذ بضعة سنوات ، ليست الوحيدة.

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)