النظام السوري ليس محبوبا في العالم اليوم. السوريون هم الذين جلبوا هذا الشعور لانفسهم، وهو يصب في مصلحة اسرائيل من نواحٍ عديدة: كما برهن رد الفعل الدولي علي ما نشر حول الحادث في الأجواء السورية.
ولكن من المحظور الوقوع في الأوهام: مطلب سورية باستعادة السيادة علي هضبة الجولان يتمتع بدعم راسخ في العالم ـ ليس انطلاقا من حب بشار الأسد، ولا من خلال حب القانون الدولي بحد ذاته، وانما لان استقرار الحدود الدولية المعترف بها هو مصلحة حيوية للأسرة الدولية.
النتيجة هي أنه لا يوجد ضغط علي اسرائيل اليوم للنزول عن هضبة الجولان من جهة، ولكن لا توجد احتمالية لتوقيع اسرائيل علي اتفاق سلام مع سورية من خلال ضم الجولان أو أجزاء منه من الناحية الاخري.
لذلك لن تخسر اسرائيل شيئا اذا أعلنت عن استعدادها لاعادة السيادة السورية للهضبة في حالة السلم. من يعتقد ان السلام مع سورية لن يتحقق أبدا، ملزم بالشعور بالقلق من قبل هذا التصريح. ولكن من يفترض أن الاتفاق بين الدولتين سيتحقق إن آجلا أو عاجلا، يجب أن يعرف أن اسرائيل ستنزل عن الهضبة.
في هذه الاثناء، ومن دون صلة باحتمالات السلام في المستقبل المنظور، من مصلحة اسرائيل اقناع الأسرة الدولية بأن الصراع بين الدولتين ليس نابعا من رغبة اسرائيل في السيطرة علي اراضٍ سيادية سورية الي الأبد.
هذا لا يعني أن الثمن الاقليمي للاتفاق مع سورية معروف ومحدد. السوريون لا يعترفون بالحدود الدولية، ويطالبون بانسحاب اسرائيل حتي خطوط الرابع من حزيران (يونيو) 1967، الفرق بين الخطين الحدوديين صغير جدا، إلا انه يتعلق بمصلحة اسرائيلية حيوية: السيطرة علي ساحل طبرية الذي يطالب السوريون بالوصول اليه في مقطع معين رغم ان الشاطيء كله يقع في الجانب الاسرائيلي من الحدود الدولية.
من المحظور قبول هذا المطلب. الانسحاب الكامل مقابل السلام الكامل يعني إزالة الاحتلال الاسرائيلي للجولان ـ وليس اعادة الاحتلال السوري للجليل الذي نشأ نتيجة للحرب التي خرجت اليها سورية من منطلق معارضتها الكاملة لقرار التقسيم الصادر عن الامم المتحدة في عام 1948 .
اليوم في غياب الاعتراف الاسرائيلي بالحدود الدولية يسود انطباع في العالم بأن سورية تطالب بما يعود لها، أما اسرائيل فتعارض ذلك، ولكن الحقيقة هي ان سورية تطالب بأكثر مما تستحق، أما اسرائيل فقد اقترحت خلال المفاوضات في عهد باراك عرضا معقولا وعادلا، الا ان سورية رفضته.
في هذا الاقتراح الذي طرح خلال اللقاء بين الأسد وكلينتون في جنيف في عام 2000، عرض باراك اعادة الجولان مع تبادل الاراضي علي جانبي الحدود الدولية بطريقة تحصل فيها سورية علي مساحة أكبر من اسرائيل، أما اسرائيل فتحتفظ بسيطرتها علي شاطيء طبرية وتقوم بتعزيزه.
الانتقادات الموجهة لباراك هي أنه قد خاف في اللحظة الأخيرة، وأضاع فرصة عقد سلام مع سورية تتمحور حول ما حدث في المرحلة الانتقالية من المفاوضات التي جرت في شبردزتاون، ولكن المسألة لم تنته هناك، وانما في جنيف ـ عندما رفض الاسد بشدة أي اتفاق لا يوصل السوريين الي شاطيء طبرية.
وهذا ما حدث، اسرائيل تنازلت عن الجولان في المفاوضات ومن ثم تنازلت عن الايجابيات السياسية لهذا التنازل. التنازل الاول كان ضروريا ولا يمكن اعادته من الناحية السياسية، أما التنازل الثاني فلا داعي له بتاتا.

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)