تعرض تاريخ الجولان وعلى مدى سنوات طوال إلى التجاهل التام، وأحياناً الطمس والتعتيم، في وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية والسياسية العالمية والعربية وحتى المحلية، رغم ما تحمله صفحاته من وقفات عز وكبرياء في المجال الثقافي والسياسي والاجتماعي، هذا التاريخ الذي لم يُنصف يوماً بعد.

وتقع مسؤولية هذا التجاهل أحيانا، والطمس أحياناً أخرى، بشكل أساسي على جهتين، الأولى: أبناء الجولان أنفسهم، والثانية: معظم المثقفين السوريين والعاملين في الشأن العام..
مسؤولية التقصير الذي وقع به أبناء الجولان سواء في الجزء المحتل، أوفي مخيمات وأحياء النازحين داخل الوطن، وخاصة منهم تلك الفئات الاجتماعية التي تمكنت من تبوؤ مكانة اجتماعية وثقافية وحتى سياسية، لم تسع وبشكل جدي إلى تناول الجولان من مختلف جوانب حياته، حفاظا عليه وعلى تاريخه من الضياع والإهمال والتنكر.. أما مسؤولية المثقفين والمهتمين بالشأن العام المحلي والعربي فتتجلى في تجاهلهم عن كشف وإبراز هذه المحطات النيرة في تاريخ الحركة الوطنية السورية في الجولان. باعتبارها قضية تستحق أن تكون جزءاً من الوعي والإدراك الوطني السوري إن لم نقل قضية تستحق أن تكون بالدرجة الأولى من سلم الأولويات الوطنية..
وبعد سنوات طويلة من عمر الاحتلال الإسرائيلي للجولان يحق لنا أن نتساءل وفي هذه الظروف بالذات، لماذا لم تكشف بعد تلك الملفات التي ما زالت تعتبر سرية في العرف الإسرائيلي، ولماذا لم تنشر الحقائق التاريخية التي يعرفها الجميع منذ أربعين عاما، عن الدور الذي لعبه الجولان في إحباط وإفشال أخطر المؤامرات التي شهدها الوطن العربي بعد النكبة الفلسطينية وهزيمة حزيران، والمتمثلة تحديدا بإقامة «ولة طائفية فاصلة»على أراضي الجولان المحتل، والدور الذي لعبته الحركة الوطنية في فضح وكشف أكبر شبكة تجسس إسرائيلية في سنوات الخمسينيات عملت لمصلحة إسرائيل، ناهيك عن أسرار وخفايا عدوان حزيران عام 1967، وجرائم الحرب الإسرائيلية التي ارتكبت بحق المدنيين السوريي في تهجيرهم واقتلاعهم من أرضهم وتدمير منازلهم وقراهم.
ما استدعى هذه المقدمة، هو صدور كتاب إسرائيلي جديد يحمل عنوان «سدر النحاس» (تست نحوشت) للمؤرخ الإسرائيلي «شمعون افيف» يلقي فيه الضوء بالوثائق والصور عن خطة إسرائيل في أواخر سنوات الستينيات إقامة «دويلة طائفية للموحدين» عازلة بين سورية وإسرائيل، ومحاولات إسرائيل الحثيثة بث الفتن والمؤامرات في جبل العرب الذي تسكنه الأغلبية من طائفة الموحدين، سعيا منها لتهيئة الأجواء لإسرائيل بإعلان الدولة المقترحة.
ويستذكر مؤلف الكتاب «مراسلات وزير العمل الإسرائيلي يغال ألون مع رئيس الحكومة الإسرائيلية ليفي اشكول بعد شهرين من عدوان حزيران، حيث تلخصت فكرة ألون» في استغلال قرب جبل العرب الجغرافي من الجولان المحتل الذي يبعد نحو 40 كلم، وحث سكان المنطقة من طائفة الموحدين هناك على رفض الحكم السوري وإعلان التمرد عليه.
فكرة ألون التي اقتنع بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، حسب مؤلف الكتاب، تبلورت بشكل نهائي بعد أجواء التوتر التي رافقت إعدام الضابط السوري سليم حاطوم بجرم الخيانة العظمى ومحاولة قلب نظام الحكم، إضافة إلى إقصاء عدد من الضباط من طائفة الموحدين م مهامهم العسكرية واعتقال آخرين كجزء من الصراع السياسي على السلطة الذي شهدته سورية في زمن الانقلابات العسكرية قبل الحركة التصحيحية عام 1970، التي قادها الرئيس الخالد حافظ الأسد.
وقد قال ألون في حينه مخاطباً رئيس الوزراء: «إن خصوصية طائفة «الموحدين»، وعددها، والمكان الجغرافي الذي تعيش فيه، يجعلها قادرة على إعلان التمرد من أجل إقامة دولة تنسجم مع طبيعتها الطائفية، بحيث تضم جبل العرب والجولان والجليل وأجزاء من جنوب الليطاني في لبنان، واقترح أن نقدم لهم المساعدة العسكرية والمالية والسياسية، وهذه الدولة سنجعلها تعترف بوجود دولة إسرائيل وشرعيتها».
وقد أرسل ليفي اشكول رسالة جوابية إلى ألون بعد ثلاثة أيام: «إن هذا الموضوع قيد الدراسة الجدية» وان الفكرة تطرح الآن من قبل قادة وضباط الجيش مع بعض الوجهاء المحليين في القرى التي بقيت في الجولان بعد الحرب.
كتاب «سدر النحاس»، لمؤلفه الإسرائيلي لا يلقي لضوء على باب ودوافع إخفاق مؤامرة “الدولة الطائفية للموحدين” التي عمدت إسرائيل إلى ترسيخها، ولم يسلط الأضواء الحقيقية وراء تستر إسرائيل عن فشلها في إعلان مسؤوليتها عن المشروع، الذي أجهضته الإرادة القومية والوعي والإدراك الوطني الذي تحلى به أبناء الجولان وفي مقدمتهم الرجل الوطني البارز المرحوم كمال كنج أبو صالح (1).
لقد علقت إسرائيل آمالاً وأهدافاً منذ العام 1948 لإحداث تمرد داخلي في سورية يقضي على نظام الحكم هناك بواسطة عملاء إسرائيليين، ففي كتابه «سدر النحاس» يستعرض شمعون افيف «أن قسم الشرق الأوسط في الخارجية الإسرائيلية ابدي تخوفات وشكوكا في قدرة الجيش الإسرائيلي الحديث في التغلب على الجيوش العربية، «ولهذا يجب أن نجد شركاء وحلفاء محليين داخل تلك الدول لاستبدال وخلخلة النظم الحاكمة»، ويضيف في رسالة وجهت إلى رئيس قسم الشرق الأوسط الياهو ساسون في شهر 11/1948 جاء فيها: «إن تمرداً كهذا سيكون بمنزلة سكين سام يوجه في ظهر الدول العربية التي تحاربنا، إضافة إلى أن ضعضعة النظام في سورية ستخفف من الضغط العسكري على إسرائيل».
وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك موشيه شتريت رفض الفكرة بسبب تكاليف هذه التجهيزات، وقدم اقتراحاً إلى رئيس الوزراء بن غوريون في آب 1948 بأن تعمل إسرائيل على تدريب سكان محليين داخل إسرائيل قبل البدء بأي تحرك، إلا أنه رفض الدخول في مغامرات جديدة، وقال إن ما يجب أن يقوم به أولئك المحليون هو الهروب من هنا..
عقيدة الإيمان بالواجب الوطني والقومي جعلت المرحوم كمال كنج أبو صالح وعدداً آخر من شيوخ وزعماء الجولان أثناء وبعد عدوان حزيران يقنع السكان بالبقاء داخل منازلهم وعدم مغادرتها، وساعد مع الشيخ المرحوم أحمد طاهر أبو صالح في فتح أبواب البلدة للنازحين من قرى «عين فيت» و«جباتا» و«زعورة» وبعض القرى والمزارع المجاورة، وبعد انتهاء الحرب في العام 1967 تنبه إلى خطورة الزيارات التي يقوم بها القادة والضباط والوزراء ورجال الدين الإسرائيليون إلى قرى الجولان، ولقاءاتهم مع شخصيات محلية (2).
لقد أرادت إسرائيل ومن خلال سياسة تهجير وطرد سكان الجولان، إفراغ الجولان من سكانه العرب السوريين، إلا أنها لم تجعل العرب الموحدين يشعرون بوطأة الاحتلال وتهديداته ومضايقاته، تحقيقا لما رسمته من مؤامرات تتمثل بشكل أساسي في البدء بتنفيذ مشروع إقامة «الدولة الطائفية للموحدين»، بعد أن تأجل قيام الدولة المارونية في لبنان، والتي خططت لها إسرائيل قبل احتلال الجولان.. ومع احتلال الجولان، اكتسبت إسرائيل فرصة من أجل تشكيل نموذج قيام دويلات طائفية في المنطقة بعد نجاح النموذج اليهودي في فلسطين، من أجل أن تحصد وحدها ثمار هذا التمزق العربي إن نجحت الدويلات الطائفية في استقرارها واقتصادها ومكانتها العسكرية والإقليمية.
وقد أدرك المرحوم كمال أبو صالح ومن خلال اطلاعه على رسائل «موشي شاريت» و«دافيد بن غوريون» و«يغال الون» منذ الستينيات أن الحلم الإسرائيلي يعمل على إيجاد زعامة مسيحية في لبنان تعمل بدعم إسرائيل لإقامة الدولة المارونية تكون جونيه.. عاصمة لها، وعندها حسب المراسلات «فان شيئا في العالم لن يمنع الموحدين من إقامة دولتهم».
ونظرا لموقعه ومكانته السياسية والاجتماعية، أصر القادة الإسرائيليون على إيجاد وسيلة من أجل الاجتماع بالشيخ المرحوم كمال أبو صالح، رغم ما تكبدوه من خسارة نتيجة لعمله في السابق ضد إسرائيل، فعملوا على إقناعه بحضور أحد الاجتماعات بخصوص مناقشة ما وصفوه بـ «موضوع مهم جدا»، وفي الغرفة المغلقة التي ضمت الشيخ محمد كنج أبو صالح والشيخ سليمان أبو صالح والشيخ أحمد طاهر أبو صالح، والشيخ كمال كنج أبو صالح بدأ الضابط الإسرائيلي حديثه قائلا: «نريد منكم أن تفهموا أن حسن معاملتنا لكم بعد الحرب ليس من أجل مصلحتكم وحدكم، بل هي مصلحة مشتركة لكم ولنا، وهذا الهدف هو منحكم دولة للموحدين، تكون نواتها في الجولان. فإذا كنتم ايجابيين معنا في عملنا هذا فإن باقي المهمة تقع علينا، أما إذا كنتم سلبيين فيجب ألا تلوموا إسرائيل، ضعوا في حسابكم أنه سيتم ترحيلكم قريبا من هذه القرى..»
ورغم مفاجأة الجميع بما سمعوه، إلا أن كمال كنج أدرك خطورة ما يرمي إليه الإسرائيليون، بسبب وعيه وفهمه لطبيعة الدولة العبرية التي استغلت الدين اليهودي لإقامة كيانها السياسي. وما زاد من تخوفه، تلك الزيارات العديدة التي قام بها وجهاء دين موحدون يعيشون في إسرائيل إلى الجولان لإقناع زعامات الجولان بحيوية وأهمية هذا المشروع ومنهم الكابتن إسماعيل قبلان الذي هدد وتوعد أهل الجولان (3).
بعد أيام قرر وجهاء الجولان أن يتظاهروا بقبولهم المشروع شرط أن يكون الشيخ كمال كنج وحده الصلة بينهم وبين السلطات الإسرائيلية. لأنه أدرك أن السياسيين الإسرائيليين يهدفون إلى خلق دويلات طائفية على غرار إسرائيل ذاتها، الدين فيها أساس، وإقامة حزام أمني واقٍ يفصل بين إسرائيل وجيرانها العرب، حيث كان من المفروض أن تمتد هذه الدويلة من ساحل المتوسط إلى جنوب سورية والسويداء والجولان، ويلي المؤامرة إقامة دويلات طائفية أخرى وفق النموذج الإسرائيلي لتقسيم وتفتيت سورية.
دعت الحكومة الإسرائيلية كمال كنج إلى تل أبيب ليحل ضيفا عليها، وخصصت له فيلا خاصة، لشرح كينونة إمارة «طائفة الموحدين»، وكيفية إقامتها، وكيف سيكون موحدو الجولان نواتها ويتعاقب المسؤولون الإسرائيليون على زيارته في الجولان وشرح أهداف الخطة يتقدمهم رئيس الشين بيت وموشي ديان وايغال الون، وكان كمال كنج أبو صالح يتظاهر بالقبول والاقتناع فاعتبره الإسرائيليون نصيرا لهم، الأمر الذي يحتم الانتقال إلى المرحلة الثانية من المشروع، بعقد اجتماع يحضره مسؤولون إسرائيليون كبار مع كمال أبو صالح وعدد من الزعماء الدروز اللبنانيين والسوريين على أن تعقد هذه الاجتماعات في عاصمة أوروبية. وعندما فاتح الإسرائيليون كمال كنج بما عزموا عليه، اقترح عليهم اسم كمال يوسف أبو لطيف من لبنان «مقدم سابق في الجيش السوري ومدير الدفاع المدني في اللاذقية فترة الوحدة السورية- المصرية»، وبعد تحفظات إسرائيلية عليه وافق القادة الإسرائيليون على ترشيح المحامي كمال أبو لطيف ليكون أول العاملين في مشروع إقامة الدولة الجديدة، وقد اختير لهذه المهمة من قبل كمال كنج لقناعته بوطنيته الصادقة، إضافة لكونه رفيق دربه في الحزب القومي السوري الاجتماعي، وهو ضابط مخابرات سوري سابق، وموثوق من قبله، بأنه سيعمل على إفشال المؤامرة الإسرائيلية.
ومن أجل تمويه عمل وغياب كمال كنج طلب الإسرائيليون منه أن يشيع في الجولان أنه تم اختياره ليكون عضواً في لجنة تصريف الفاكهة، وانه بحاجة إلى علاج في أوروبا من أجل مداواة عيونه، واتفق على أن يرافق كمال كنج إلى روما عقيد في المخابرات الإسرائيلية يدعى: يعقوب وتم الاتصال من روما بالمحامي كمال أبو لطيف بتاريخ 16/10/1967 الذي يعتبر من أقرب وأعز أصدقاء كمال كنج أبو صالح، ويطلب منه الحضور فوراً إلى روما «ليصلها بتاريخ 27/10/1967، وانتظره في المطار كما اتفقوا هاتفيا بعد أن أخفى موعد وصوله عن المدعو” يعقوب”حتى يتسنى له التحدث معه منفردا وقصدا فندق بانسيونا فرنسيني».
وما إن وصلا غرفتهما حتى أغلق كمال أبو صالح الباب وبدأ بسرد كل شيء لصديقه وعن المهمة التي جاء من أجلها إلى روما وعن اتصالاته بالإسرائيليين، وكانت أول ردة فعل لصديقه «بضرورة أن نعرف بقية المخطط وكيف سينفذ بالتفصيل، وما الخطوات الإسرائيلية القادمة قبل أن نخبر الدول العربية بهذا الأمر الخطير».
وبالفعل استطاعا أن يحصلا من « يعقوب» على كامل التفاصيل بعد أن نجحا في تضليله، وإقناعه بأنهما جادان في تنفيذ هذا المشروع.
وقد رصدت إسرائيل مبلغاً أولياً قيمته 30 مليون دولار للبدء في التحرك من أجل إنشاء الدولة الجديدة وذلك بعد أن اقتنعت إسرائيل بنجاحها في إقناع شخصية لبنانية مهمة في المشروع، الأمر الذي يحتم الانتقال إلى المرحلة الثالثة في إقناع الأمير حسن الأطرش (أمير جبل العرب بالوراثة والتقاليد)، الذي رشحه كمال كنج أبو صالح، ومن أجل التنسيق بين الكمالين، اتفقا على إيجاد شيفرة خاصة بهما، واتفقا قبل مغادرتهما أن يعمل كمال أبو لطيف على إبلاغ الحكومات العربية وبالأخص الزعماء والقادة، وعاد كمال أبوالطيف إلى بيروت وأبلغ الزعيم المتقاعد شوكت شقير «رئيس أركان الجيش السوري السابق»، وكمال جنبلاط، كما سافر كمال أبو لطيف إلى دمشق لإبلاغ العقيد عبد الكريم الجندي «مدير المخابرات السورية»، وتسلم الرئيس المرحوم جمال عبد الناصر ونور الدين الاتاسي رئيس الجمهورية السورية، نسخا من مشروع المؤامرة بشكل مفصل، ووفق الخطة الإسرائيلية «فانه سيتم زيادة وتشجيع الوجود الفلسطيني المسلح في المناطق اللبنانية المجاورة لإسرائيل في جنوبي لبنان، وتشجيع الوجود الفلسطيني المسلح في القرى التي يسكنها أتباع طائفة الموحدين بالقرب من «حاصبيا» و«راشيا» و«البقاع الغربي»، وتشجيع الاعتداءات العسكرية الفلسطينية على قرى الجليل والمستوطنات وعندها سيكون رد إسرائيل مناسبا وغير حاسم، ولكن إلى أن يطفح الكيل، وتجد إسرائيل المبرر الدولي المقبول والمعقول فتقوم باجتياح جنوب لبنان وسورية متذرعة بالقضاء على«المخربين» وتسيطر عليها.
وشرحت الخطة أن الهجوم الإسرائيلي سيكون مدرعا بعد قصف مدفعي وغارات جوية إسرائيلية كافية لدخول القوات المدرعة دون عناء يذكر، وستسلك القوات الإسرائيلية محاور معينة لتصل إلى نقاط وخطوط معروفة في عمق الأرض المحتلة، بعدها تقيم إسرائيل حزاما أمنيا وتعلن بالاتفاق مع زعماء طائفة الموحدين تشكيل الإمارة، ويتم الاعتراف بها من قبل الولايات المتحدة الأميركية.
خلال العام 1968ابتدأت وسائل الإعلام العربية في تناول الهجوم الإسرائيلي المتوقع على المحاور التي ورد ذكرها في الخطة الإسرائيلية، وأدركت إسرائيل انفضاح مخططها، فتم استدعاء كمال كنج إلى التحقيق معه، بشأن تسريبات الخطة، وفي العام 1969 أصدرت محكمة أمن الدولة في سورية حكما غيابيا على كمال كنج أبو صالح في محاولة لتضليل السلطات الإسرائيلية عن دوره في كشف المؤامرة، إلا أن السلطات الإسرائيلية دهمت منزله في ليلة 8/10/1970 وعثرت على كلاشينكوف و3 مسدسات، واعتقلته برفقة ضابط في الجيش السوري «نزيه توفيق أبو صالح» وأحالته إلى المحكمة العسكرية في مدينة القنيطرة المحتلة، حيث وجهت له 19 تهمة، وتنقل المناضل كمال أبو صالح من مركز التحقيق في «روشبينا» و«الجلمة» و«عكا»، وأصدرت المحكمة أحكاماً عليه بلغ مجموعها 300 سنة على أن تنفذ منها فعليا 23 سنة، بينما استطاع الضابط السوري نزيه توفيق أبو صالح وأسرى عرب آخرون، من تنظيم عملية هروب من معسكر الاعتقال الخاص بأسرى الحرب.

(1) المناضل كمال كنج أبو صالح: عضو ناشط في الحزب القومي السوري الاجتماعي، وعضو البرلمان السوري لعام 1947 عن دائرة وادي العجم التي ضمت في حينه (ريف دمشق إقليم البلان وشمالي الجولان” تمكن المرحوم كمال كنج أبو صالح بعد سنتين من إقامة دولة إسرائيل من اختراق عمل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي جندت في تلك الفترة عددا من أبناء الجولان للعمل في صفوفها، من خلال التنسيق مع رئيس فرع المخابرات السورية أكرم ديري، ورئيس الحزب الاشتراكي العربي أكرم الحوراني، حيث استطاع كشف خلايا الجواسيس التي زرعتها إسرائيل في الجولان.. وبحسب اعترافات رافي غربلي الضابط المسؤول عن محطة التنصت السرية التي زرعتها إسرائيل في جبهة الجولان، والمسؤول عن عمل الشبكة في جهاز المخابرات الإسرائيلية: لقد أعطانا معلومات مفبركة من أجل كشف عملائنا في الجولان.
(2) قام وزير الدفاع الإسرائيلي موشي ديان ومعه يغال آلون بزيارات عدة إلى قرية مجدل شمس، واجتمعا مع عدد من الشيوخ والزعماء التقليديين حاملين رسائل التهدئة والاطمئنان للسكان، وجرت تلك الزيارات بشكل خاص بعد تهجير وطرد معظم سكان قرى ومدن الجولان، وتدميرها لاحقا، وبنفس الوقت حملوا رسائل سياسية خطيرة وصفها الإسرائيليون بمشروع سياسي جديد لإقامة سلام دائم متمثل بمشروع الدويلة الطائفية للموحدين.
(3) الكابتن إسماعيل قبلان: مطلوب للعدالة السورية لجرم جزائي ارتكبه قبل الهدنة عام 1948، وانضم بعدها إلى الجيش الإسرائيلي في كتائب شركسية وموحدين لحراسة الحدود. وقد أبلغ وجهاء الجولان، بضرورة قبول العرض الإسرائيلي قائلاً«إن إخراجكم من قراكم خطة مدروسة جديا وخلال أيام سوف يتم الترحيل، إن رفضتم المشروع».