اذا كان الفن نفسه سلعة استراتيجية ، فمن الحري ان يكون التأسيس لأنتاجه استراتيجيا هو الآخر والاسوف يخسر على الصعيدين المادي والمعنوي . وبما أن منتجينا لا يهمهم من المعنوي سوى رضى المعلمين ، ومن المادي ما يتيح اضرب وأهرب ، فهذه الصناعة هي جزء من سراب توهمناه سيدفع ثمنه اصحاب المهن الفنية .

لا استبعد مؤامرة (اذا صحت التسمية ) واجهت الدرامة السورية هذا العام 2007 ولكنها كانت مؤامرة سوق بسيطة او منافسة قوية بعض الشيىء لا تغيب عن بال او نظر أي تاجر شاطر او غبي يريد الدخول الى سوق ما ... لذلك يوجد شيىء اسمه دراسة السوق ..التي تتضمن حجمه ونوعيات طلبه وعقليات المسؤولين فيه ومستقبله ، لو كانت هذه الدراسة موجودة لدى المنتجين / الموزعين ، لكانوا لاحظو التغيرات الطفيفة التي تنتاب السوق والمؤشرات اواضحة التي تدلهم كيف ولماذا وماذا ولمن سوف ينتجون .

لا مكانة لمنتجينا في سوق التلفزة مع ان لديهم مكان في هذه السوق ، وعند أو ( عصة ) تصاعد صراخهم متعللين بالمؤامرة على الدرامة السورية ، واعتقد أنه سوف نشهد انسحابات من هذه الصناعة في حال لم يجد المنتجين عملا كمنتجين منفذين عند بعض المحطات او الممولين .

من حق المنتج أن يربح ولكن ليس من حقه أن يقدم بضاعة مغشوشة او مكررة او مملة ومن ثم يشتكي من انفضاض المستهلكين من حوله . هذا العام قدم السوريون ( على الغالب ) درامة مكرورة ، ولم يبتكروا أي جديد هام حتى ولو في الشكل ففقدوا اهم ميزة صعدت بها الدرامة السورية الى مكانة معقولة ( وليست مرموقة كما يتوهم البعض ) مما سهل على أي ( ذي نوايا ) رفضها وعرقلتها ولم تتأثر المحطات الباثة في غيابها فهي لما تزل تبث وتعلن وتحصد الارباح . وما زالت الدبلجة عن المكسيكية والتركية ( كمنافس ) تأخذ حصتها دون الشعور بالاضطرار على شراء درامة سورية ،فكيف لو لحظنا كدارسين للسوق الدرامات العربية من كل حدب وصوب ، كيف لو لاحظنا كدارسين للسوق ظاهرة المذيعين النجوم وبرامج المنوعات التي يصنعونها ؟!!!

ان وقوف الانتاج التلفزي السوري على حدود المسلسل ذي الثلاثين حلقة في حدود وسقوف فكرية ورقابية محدودة ، لن يوصل الانتاج التلفزي السوري الى مكان ..بل سيجعل منه كالوقف لا يباع ولا يشرى .

المستقبل سؤال صعب يواجه صناعة التلفزة السورية ، ولا اعتقد ان مالكي النقود من المنتجين ( او من المنتجين المنفذين ) يكفيهم أن لديهم نقودا...فهم بحاجة الى العقل والفكر الى جانبها والا تحولوا الى مجرد تجار عاديين يتنقلون بين الخردوات معتمدين على الاكثر استجلابا للربح ، وهذا اريح لنا ولهم . فالعمل في الفن يحتاج الى اعتقاد فكري وعقلي انه مهنة جدية تستحق الربح و.. النجاح ... والفخر