تكتنف الدرامة التلفزيونية السورية العديد من الموضوعات والاساليب منها ما هو ناجح ومنها ما هو عادي ومنها ما هو فاشل ، ولكن هذه الدرامة لا تمتلك القياس المعتمد لما هو ناجح او فاشل او وسط ، بغض النظر اذا كان هذا المقياس حقيقيا أم لا ( وتستخدم كلمة حقيقي كلازمة تلفيقية لوصف أي شيىء ) ، اذا كيف نقرر أو يتقرر أن هذا العمل جيد أو سيىء أو بين بين ؟

قصور النقد ( بغض النظر اذا كان حقيقيا أم لا ) هو واحد من أهم الاسباب التي آلت بتقييم الدرامة الى هذا الحضيض فلا نقد مقياسي يحاور هذه الانتاجات ، ويأتي في الدرجة الثانية عدم تعليم الدرامة في المدارس ( ليس من أجل صنع أجيال من الدراميين ولكن من أجل تطوير الذائقة والحكم من خلال معرفة ألأسس على الأقل ) ، أما الشأن الأعتقاد الدائم أن الدرامة تتوجه الى جمهور أمي لآ يستطيع متابعة الدرامة الأجنبية التي هي أصل الفكرة ونحن نقلدها ، فالاعتماد على الامية هو جزء اساسي من صناعة درامة ناطقة بالعربية ، ورابعا نستطيع القول أن الدرامة التلفزيونية هي بديل واه عن المسرح والسينما لأنها تضمن الجلوس في المنزل وعدم الخروج حفاظا على الشرف فهي سينما ومسرح في المنزل دون مغامرة بالاعراض ، خامسا يمكن لسقف الرقابات الذاتية والاجتماعية والرسمية ، المنخفض أن يقرر الباقي من قيمة أي عمل درامي .

لا أحد يمكنه تحديد أو تقييم مواصفات العمل الناجح الذي يجمع عليه النقاد والجمهور ومقاييس الدرامة الاكاديمية . ومن هنا فأن السقف مفتوح للأرتقاء أو الانحدار طالما لا توجد مواصفات قياسية دنيا تستطيع تقرير جودة العمل الدرامي .

فمسلسل يدعو الى العودة الى الغيتو ( المعزل الآجتماعي ) حفاظا على قيم وهمية يحظى بشعبية فائقة ، وآخر يتألق فيه الممثلون ولكنه بحاجة الى صياغة درامية متقنة يتغنى به النقاد والصحفيون ، وثالث تمت له الدعاية بأتقان يتهب الناس عدم الاعجاب به ، ورابع يتوسل قضية مقدسة من قضايا الوطن فيجفل النقاد من مقاربته ، وخامس تهريج بتهريج ولكن الآولاد يحبونه ، وسادس يمتلك سيناريو رائع ولكن الاخراج باهت .. و…..الخ

من يقرر أن هذا العمل جيد وكيف ؟ ومن يقرر ان هذا الممثل او الممثلة متألق أو متألقة وكيف ؟ وكذا الاخراج والموسيقا والديكور والمكياج ؟

من جهة أخرى من يصنع من ؟ الجمهور ؟ أم الأعمال المقدمة ؟ صراع بدائي لم يحسم بعد ، فالعلاقة بين الجمهور و العمل الفني هي علاقة تفاعلية مرتقية ، فكيف نفهمها كمنتجين ونقاد ومتفرجين في ظل هذا التكرار الاستغلالي المتراجع .

اشكاليات تحتاج الى أكثر من الكيس الاسود الذي يحوي نقودا سائلة ( متخلفة ) ، انها تحتاج الى وعي الذي هو الآخر يبدو نسبيا ولا يمكن استخدام الكلمة التلفيقية ( حقيقي ) في وصفه ، والوعي هنا هو عقل مقارن ، فهم للآليات الدرامة وآليات صنعها ، مقدرة على الاحصاء وتحليل نتائجه ، تحديد الهدف من صناعة الدرامة لأن الهدف في حال وضوحه هو الداعم الأكبر لاعادة الانتاج واستمرار الصناعة ، والاهم هو معرفة ( وليس العلم بـ ) بماذا نعمل نسبة الى المكان والزمان والظروف والمنافسين .

وأخيرا هل يمكننا توصيف العمل الجيد وتفريقه عن العمل المتهافت ؟

أعتقد أنه من الصعب !!!!!