رغم مرور34 عاما على حرب اكتوبر/تشرين ،1973 التي تصادف ذكراها السنوية اليوم السبت لا يزال “الإسرائيليون” يولون اهتماما كبيرا بكل معلومة جديدة ترتبط بها ويخصونها من بين كافة حروبهم ك “أم الحروب”.

ويرى باحثون أن ميزة تلك الحرب بما ترتب عليها من نتائج نفسية تتعلق بالأساس بنجاح الجيشين المصري والسوري في سيناء والجولان بمباغتة “المحتل” والنيل منه وتحطيم أسطورة “الجيش الذي لا يقهر” التي طالما لازمته وتغنى بها.

واستمرت الحرب التي تعرّفها “إسرائيل” بحرب الغفران لتزامنها مع عيد الغفران اليهودي، 18 يوما قتل خلالها 2800 جندي “إسرائيلي” وفقدت فيها الكثير من هيبة الردع التي منحتها إياها حرب حزيران 67.

وبسبب الأزمة الخطيرة التي واجهها في الأيام الأولى للحرب إزاء ضغط الضربات المصرية والسورية أصيبت رئيسة حكومة الكيان غولدا مئير بأزمة نفسية لا زمت فيها بيتها.

ويقول بعض المقرّبين منها إنها بكت في اليوم الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول بكاء مرّا بسبب الضائقة التي ألمت بها والتي لم يخرجها منها سوى الجسر الجوي الأمريكي المباشر الذي أنقذ الموقف. وذهب البعض أبعد من ذلك عندما قال إن مئير بحثت إمكانية الاستسلام في اليوم الرابع من الحرب كما يشير البروفسور شلومو أفنيري مثلا في كتابه “الفشل الذريع”.

وكان الكاتب الصحافي المصري الشهير قال إن بهاء الدين قد وضع كتابا عن حرب تشرين سماه “ عندما تحطمت الأسطورة عند الظهر” في إشارة لنجاح العرب بمباغتة العدو والتغلب عليه في عدة معارك وتبديد هالته كجيش “لا يقهر”.

وقبله كان المراقب العسكري “الإسرائيلي” البارز زئيف شيف، فاخر في صحيفته،”هآرتس” عقب نكسة 67 بقدرات الجيش الصهيوني بمقال تحت عنوان “عندما تحطمت الأسطورة في الصباح” وذلك ضمن استعراضه لضرب الطائرات المصرية الجاثمة على المطارات وحسم المعركة في ساعاتها المبكرة.

وكانت صحيفة “هآرتس” نشرت في تقرير مطول بهذه المناسبة مقاطع من مذكرات قائد القوات الأمريكية الأسبق الأدميرال توماس مورر، وفيها يؤكد أنه كلما مضت الأيام في حرب تشرين73 كان مصير “إسرائيل” رهن تزويدها بالعتاد والذخائر في عملية سميت لاحقا ب “القطار الجوي” كان “بطلها” هنري كينسجر وزير الخارجية في حينه.

ويكشف مورر، بحسب هآرتس، أن الهدف المركزي للرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد نيكسون ووزير خارجيته كيسنجر خلال تلك الحرب تمثل بعدم السماح للعرب بدفع “إسرائيل” للبحر وبنفس الوقت منعها من إذلالهم.

وقال مورر في مذكراته إن نيكسون قرر تقديم الدعم العاجل ل “إسرائيل” في اليوم الثالث للحرب ،التاسع من اكتوبر/تشرين أول ضمن عملية كبيرة عرفت ب “نيكال جراس” وفيها قامت طائرات عملاقة من نوع سي5 وسي141 ب 586 رحلة نقلت خلالها الدبابات والمدافع والطائرات المروحية لتل أبيب.

ويشّدد مورر على أن المخططات “الإسرائيلية” كانت متعالية وغير واقعية حتى كان العرب قريبون جدا من دفعها فعلا للبحر لافتا إلى ارتداع أوروبا عن نقل عتاد وذخائر عبر بواخر في موانئها لحيفا وعسقلان بسبب سلاح النفط العربي.

وأشار مورر إلى أن البرتغال هي التي أنقذت “إسرائيل” في نهاية المطاف بموافقتها على طلب أمريكا بالسماح للقطار الجوي الأمريكي بالهبوط لغرض التزود بالوقود وأضاف “وساعدت إسبانيا بذلك بصرفها النظرعن ذلك”.

وقال المؤرخ د.مصطفى كبها ل “الخليج” إن حرب تشرين بمثابة “النكسة” بالنسبة ل “الإسرائيليين” بسبب الخسائر الهائلة في أرض المعركة ومقتل عدد كبير من جنودهم والمساس بكرامتهم العسكرية التي تعالت لحد كبير عقب 1967.

ولفت كبها أن حرب تشرين عنت “الفشل الذريع” بالنسبة ل “إسرائيل” ولا شبيها لها بالحروب السابقة واللاحقة ونوه لكثرة ضحاياها موضحا أن أغلبية العائلات “الإسرائيلية” قضى أو أصيب أحد أبنائها في تلك الحرب.

مصادر
الخليج (الإمارات العربية المتحدة)