ليس صدفة على الإطلاق أن يختار وزير الخارجية التركي الجديد علي باباغان سوريا محطة أولى لجولته الأولى في المنطقة بعد تسلمه مهماته على إثر الانتخابات الرئاسية الأخيرة في تركيا.. وهو إذا كان سيزور إسرائيل أيضا، والأراضي الفلسطينية والأردن، فإنه يوجه رسالة غير مباشرة، لكن مغزاها واضح جدا، وهي أن تركيا التي قامت في السابق بدور قناة التواصل أو قناة الاتصال بين سوريا وإسرائيل، تريد اليوم تجديد هذا الدور وتأكيده، وتريد من خلاله أيضا أن تؤكد للعالم مرة أخرى أنها مصرة على القيام بدور أوسع من السابق في منطقة الشرق الأوسط.

كان بإمكان وزير الخارجية التركي أن يبدأ تحركاته من مكان آخر، لكن توقيت جولته المشار إليها، له شروطه وظروفه الموضوعية التي تحتم عليه أن يبدأ من المنطقة، ومن سوريا تحديدا، فالزيارة تأتي بعد الغارة الإسرائيلية على سوريا التي لامست - أي الغارة - الأجواء التركية وما زالت حتى هذه اللحظة محاطة بكثير من الغموض. كما تأتي - أي الزيارة - قبل مؤتمرين مرتقبين: الأول هو مؤتمر دول جوار العراق المقرر عقده في استنبول في مطلع الشهر المقبل، والثاني هو المؤتمر الدولي الذي دعا إليه الرئيس الأميركي جورج بوش، والمقرر عقده في نهايات الشهر المقبل في مدينة أنابوليس الأميركية ولا شك في أن تركيا لا تستطيع ا ن تكون خارج هذه التطورات فهي معنية بها مباشرة سواء ما يتعلق بمستقبل الوضع في العراق، أو بمستقبل الوضع في المنطقة تحت عنوان البحث عن «السلام».

إن السؤال الجديد والكبير هو كيف ستكون الاستراتيجية التركية في المنطقة بعدما أصبحت السلطة كلها بيد حزب العدالة والتنمية؟ هذه هي النقطة المفصلية التي يجب أن توضحها أنقرة، أي يجب أن تعلن عن رؤيتها بشكل دقيق كونها قادرة على القيام بدور فعال، وكون دورها ضروريا وطبيعيا، فهي دولة شرق - أوسطية بامتياز مهما تطلعت الى موقع أوروبي، وهي متداخلة في قضايا المنطقة على مستوى الجغرافيا السياسية، والمياه، والأمن والاقتصاد... إلخ.

هل ستحدد أنقرة هذه الاستراتيجية؟ أم ستتأخر في ذلك، وتنتظر التطورات بعد شهرين؟.. هذه المسألة ستكون موضوع اهتمام المراقبين بعد انتهاء جولة باباغان.

مصادر
الوطن (قطر)