ولأن الأخلاق جزء من الثقافة ، ولأن الثقافة هي المحرك الاساسي للفعل والانتاج الانساني ، ولأن المسلسل التلفزيوني هو انتاج حداثي يخضع لعقلية مركبة في الانتاج والتوزيع ، ولأن باب الحارة نجح من هذه الناحية ، ونجح من ناحية تعليم وتعميم قيم الفروسية والمشاركة وعدم الاستئثار بالكعكة ، بل جعل أهل الحارة كلهم من المستفيدين منها .فأن أول عمل قام به صناع العمل هو الانفصال .

فما يتردد في الوسط الفني عن انفصال مخرج العمل عن المنتج ، لأن هناك ممولين دفعواالأنتاج أجزاء جديدة من باب الحارة ويستطيع المخرج أن بصبح صاحب أو مدير شركة ، فالانفصال والسعي وراء الرزق واجب أخلاقي يتعلمه المرء من باب الحارة وأمثالها ، حيث تبدو تعاليم باب الحارة الاخلاقية ليست مخربة فقط بل أن مقدميها لا يؤمنون بها !! فهل صنعوها لغاية في نفس يعقوب ؟؟؟؟

نعودالى نسق القيم الذي تصنعه التكنولوجيا ، هذا النسق الذي يجب أن يكون محميا بالقوانين ، ولكن الاخلاق كانت دوما أعلى من القوانين ، والدعوة الى أخلاق هي متخلفة ولو زمنيا عن القوانين هي دعوة الى تخريب الاخلاق والقوانين لصالح الخلاص الفردي اذي ادعى باب الحارة انه يحاربه لصالح الخلاص الجماعي لأهل الحارة عبر المشاركة والاشتراك .

ولأن النسق الاخلاقي ( وعلى الاقل ) في انتاج المسلسلات هو نسق حداثي والمشاركة الاختصاصية والاخلاص لها هو جزء لا يتجزء من نجاح ( حارة ) صناع المسلسلات ، فأن أختطاف النجاح وتوظيفه هو شأن وضيع حسب أخلاق باب الحارة ، وهو فعل مدمر على الصناعة التلفزية لأنه يحولها الى ورشات صغيرة تنتج حسب الطلب واذا كان هناك طلب ويمكن محيها وازالتها من الوجود هي ومنتجاتها بجرة قلم .

صحيح ان الذي تعلم الصنعة وفتح ورشة صغيرة سوف يحصل على الملايين بمفرده بعد أ يوزع بخاشيشه على ( الصنايعية ) في عملية شديدة التبسيط وشديدة الانانية ، الا انه اختطف جزء من رصيد مهنة يمكنها أن تكون صناعة لو لم تخضع لقيم مهلهلة لا تستطيع فهم النسق المرافق لأخلاق الصناعة الحديثة أي سوف تضيعها وينعم بعض افرادها بالملايين التي وفرت فرصتها المجموعة التي لها مصلحة في استمرار الصناعة .

بيع نجاح باب الحارة التسويقي الى منتج جديدة هي عملية مكرورة للغاية في الوسط الفني ولكن لا يعني ذلك انها أخلاقية حتى لو كان المقياس هو اخلاقيات باب الحارة.