حذر مصدر وثيق الصلة بزعيم «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري، من ان الفراغ في رئاسة الجمهورية اللبنانية وعدم تمكن المجلس النيابي من انتخاب رئيس جديد، سيؤديان الى فتنة سنية – شيعية، وأن الهدف من اغتيال النائب أنطوان غانم، في 19 أيلول (سبتمبر) الماضي كان إفشال التوافق بين اللبنانيين على الرئاسة وفرض سيناريو الفراغ على المعارضة.

وفي باريس، علمت «الحياة» من مصادر مطلعة ان الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان، الاكثر قربا الى الرئيس نيكولا ساركوزي، سيزور السعودية يومي السبت والأحد المقبلين، حاملاً رسالة من الرئيس الفرنسي الى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وقالت المصادر ان الزيارة مرتبطة بالانتخابات الرئاسية في لبنان وبالعلاقات الثنائية، وأيضاً بزيارة ساركوزي للسعودية المرتقبة في منتصف كانون الثاني (يناير) المقبل.

وأوضحت ان فرنسا ترغب، في إطار التنسيق الدائم بين البلدين، في تبادل الرأي مع السعودية حول ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية في موعدها الدستوري، على ان يتم التوافق على مرشح يحظى بتأييد الجميع.

وأشارت الى ان فرنسا تنتظر من سورية ان تتجاوب مع طلب ساركوزي الذي ضمّنه خطابه أمام سفراء فرنسا، حول عدم عرقلة الانتخابات الرئاسية ودفع حلفائها في لبنان الى التعاون، كي يتسنى الاتفاق على انتخاب رئيس جديد وتدارك احتمال قيام حكومتين في لبنان وما سيؤدي اليه من فوضى. ورأت المصادر ان زيارة وزير الخارجية برنار كوشنير ونظيره الأوروبيين (يوم غد الجمعة) الى لبنان مفيدة، لجهة دفع الأطراف للتوصل الى اتفاق حول الرئيس المقبل.

وأكدت دعم فرنسا مسيرة البطريرك الماروني نصرالله صفير التي وصفتها بأنها جيدة وينبغي تشجيعها خصوصاً ان الاطراف المشاركة فيما أبدت انفتاحاً وليونة، ما أدى الى تفاؤل باحتمال اجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية ضمن المهلة الدستورية.

واعتبرت ان الاستحقاق الرئاسي في لبنان اختبار حقيقي لعلاقة الرئيس الفرنسي بسورية، فاذا لم تكن هناك عرقلة للانتخابات، سيعود الحوار السياسي الى طبيعته بين باريس ودمشق وفقاً لما وعد به ساركوزي.

من جهة اخرى، قال مصدر وثيق الصلة بزعيم تيار «المستقبل» النائب الحريري لـ «الحياة» أمس تعليقاً على بعض المواقف التي تصدر عن بعض رموز المعارضة وتتحدث عن إمكان حصول فراغ في الرئاسة الأولى، ان «الذي يعتقد بأن الفراغ لا يتسبب في فتنة سنية – شيعية يكون مخطئاً. فأول فتنة ستطل برأسها هي الفتنة السنية – الشيعية». وأضاف: «ان الذين يحاولون الترويج عبر بعض المواقف والتصريحات لفكرة أنهم يمكنهم الإفادة من الفراغ في الرئاسة الأولى على المدى البعيد، وانهم يستطيعون تهدئة الأمور بعد حصول الفراغ، مخطئون، لأن حصول الفراغ سيؤدي الى تدهور اقتصادي كبير، والأكيد ان الأكثرية ليست هي التي ستتحمل مسؤوليته بل أن المعارضة هي التي ستتحملها لأنها تكون أفشلت عملية انتخاب رئيس يكون أقرب الى قوى 14 آذار».

واعتبر المصدر أن «من الواضح حتى الآن ان مسلسل الاغتيالات، خصوصاً اغتيال النائب الشهيد انطوان غانم، اخيراً (في 19 أيلول الماضي) كان موجهاً ضد التوافق بين اللبنانيين ولإفشال هذا التوافق، ولمحاولة فرض سيناريو الفراغ على المعارضة من أجل هدف أساسي، هو محاولة احباط قيام المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وسائر الجرائم المرتبطة بها، ومن أجل مواصلة سياسة زعزعة الاستقرار اكثر فأكثر في البلد». ورأى ان «من يظن بأن الفراغ لن يتسبب في فتنة سنية – شيعية، مخطئ كثيراً في الحسابات، تماماً كما كان مخطئاً في الحسابات عند اغتيال الرئيس الحريري وباسل فليحان».

وحذر المصدر من «ان التوافق في الرئاسة الأولى ليس مجرد لعبة اسماء، بل يجب ان يتم على رئيس يكون من صلب ايمانه السيادة والاستقلال والحرية وأن يكون ضد أي تدخل من أي جهة خصوصاً سورية». وقال ان «كل الاشارات التي تأتينا، وخصوصاً كلام (الرئيس السوري بشار) الأسد الأخير عن ان لبنان لن يشهد الاستقرار تدل الى استمرار التدخل، ولكن من المؤكد ان سورية أيضاً لن تنعم بالاستقرار وكذلك إيران اذا قامت فتنة سنية – شيعية في لبنان».

ومن واشنطن اعتبر رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط ان «المعارضة على المحك في الأسابيع الثلاثة المقبلة لناحية ما ستلجأ اليه» من خطوات، داعياً إياها الى «احترام الاستحقاق الرئاسي». ووصف قرار الكونغرس الأميركي بدعوة سورية وإيران الى عدم التدخل في لبنان بانه مشجع. وأكد ان لا تمايز بين موقفه وموقف قوى 14 آذار الأخرى. وعلّق على اتهام رئيس المجلس النيابي نبيه بري له في تصريحات أدلى بها أمس، بأنه وحليفه رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع يعرقلان الحل، بالقول ان «هذا خيال، وأصلاً جعجع ليس موجوداً في واشنطن».

وأنهى جنبلاط لقاءاته في الكونغرس أمس،باجتماع مع نائب الرئيس ديك تشيني. بعدما التقى فعاليات نيابية في مجلس الشيوخ الاميركي شملت السناتور الجمهوري تشاك هاغل والسناتور المستقل جوزيف ليبرمان اضافة الى رئيس اللجنة الفرعية للشرق الاوسط في مجلس النواب غاري أكرمان. وأكد السناتور هاغل في تصريحات الى «الحياة» بعد اللقاء دعم واشنطن العملية الديموقراطية في لبنان، ورأى «ان الامور لا تسير الى الأحسن في لبنان، ولا في المنطقة عموماً». ودعا الى «توظيف كل الأدوات الديبلوماسية وبينها الحوار والعقوبات في التعاطي مع سورية وإيران»، مشيراً الى ان «الانخراط معهما هو الشيء الصحيح».

وقالت مصادر ديبلوماسية غربية لـ «الحياة» ان الموقف الرسمي الاميركي «موحد حول ضرورة دعم واشنطن للبنان وانتخاب رئيس قوي وغير مرتهن لأي طرف خارجي». وأكدت ان تشيني ورايس ملتزمان دعم فريق الاكثرية وقيادات ثورة الأرز، التي يعتبر جنبلاط من أبرز رموزها. وتحدثت المصادر عن «خلاف في أسلوب التعبير عن هذا الدعم» بين رايس والبيت الابيض، وتفادي الوزيرة في هذه المرحلة أسلوب المواجهة في الحديث عن سورية تجنباً لنسف جهودها لإطلاق عملية السلام في الشرق الأوسط. وقالت المصادر ان واشنطن «لن تقف في وجه أي تسوية توافق عليها الأكثرية في لبنان».

وكان السفير الأميركي في بيروت جيفري فيلتمان اجتمع أمس الى الرئيس بري وأعرب عن «ثقته بأن ينتخب النواب اللبنانيون رئيساً يحترم القرارات الدولية ويكون مقبولاً على نطاق واسع من اللبنانيين».

وتوقفت مصادر بري عند قول فيلتمان «ان يكون مقبولاً على نطاق واسع» معتبرة أنه دعم إضافي لخيار التوافق.

وذكرت مصادر بري ان السفير تطرّق الى مبادرة البطريركية المارونية السعي الى التوافق على الرئاسة، وأكد بري لفيلتمان ان هذه المبادرة مكملة لمبادرته «وتحتاج الى دعم مثل مبادرتي وما يوافقون عليه نمشي به أنا والنائب سعد الحريري الذي انتظر عودته لنبدأ البحث في اسماء المرشحين». وشدّد بري امام فيلتمان على ان الرئيس العتيد يفترض ان يكون قريباً من قوى 14 آذار وغير معاد للمعارضة، كمعيار في عملية الاتفاق عليه. ودعا بري فيلتمان الى ان تدعم ادارته في شكل عملي السعي من اجل التوافق بين اللبنانيين.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)