انهى القادة الأوروبيون أمس قمتهم في لشبونة بعد التوصل الى اتفاق على معاهدة جديدة بدل مشروع الدستور الأوروبي، على أمل انهاء أزمة مؤسساتية مستمرة منذ أكثر من سنتين.
وقد ازيلت ليل الخميس / الجمعة آخر العقبات التي كانت تضعها بولندا وايطاليا حول نظام التصويت في الاتحاد وتوزيع النواب الاوروبيين، للتوصل الى اتفاق حول المعاهدة التي يتعين بعد توقيعها المصادقة عليها في الدول الاعضاء.
خرجت من أزمتها
وقال رئيس الوزراء البرتغالي خوسيه سوكراتيس الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد ان ’اوروبا خرجت من ازمتها المؤسساتية وهي مستعدة لمواجهة التحديات المستقبلية، وهي ستكون أكثر قوة في القيام بدورها في العالم’.
ومن ناحيته، اعرب رئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروزو عن اقتناعه بان الاتفاق سيتيح لاوروبا الحصول على ’قدرة للتحرك’.
وصرحت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ’لقد نجحنا والخطوة السياسية الحاسمة قد تم اجتيازها هذا المساء’.
وتمت الموافقة على النص الذي يتضمن اكثر من 250 صفحة بعد تقديم تنازلات اخيرة الى بولندا وايطاليا حول الصيغة التي وردت الى لشبونة.
ارتياح بولندي
وعبر الرئيس البولندي ليش كاتزينسكي الذي يوصف منذ وصوله الى الحكم بانه ’مثير للقلاقل’ في الاتحاد، عن ارتياحه لان ’بولندا حصلت على كل ما كانت تريده، لجهة حق الاعتراض لتأجيل قرار معين’.
وسيتعين الان توقيع المعاهدة والمصادقة عليها في الدول السبع والعشرين لتدخل حيز التنفيذ، وهي مرحلة دقيقة يتوقع ان تستمر حتى نهاية عام 2008.
مواد باقية.. وأخرى عدلت
وقد احتفظت المعاهدة بأفكار عديدة كانت واردة في الدستور الذي رفضه الفرنسيون والهولنديون عام 2005 لكنها تفادت كلمة دستور وحذفت كل ما كان يوحي باعطاء الاتحاد شكل دولة كبرى (خصوصا ما يتعلق بنشيد وعلم اوروبيين).
وحدها ايرلندا تصر على تنظيم استفتاء شعبي حول هذا النص.
براون يرفض الدعوات البريطانية
وفي بريطانيا يطالب المعارضون لأوروبا باجراء استفتاء ايضا، لكن رئيس الوزراء غوردن براون رفض هذه الدعوات في لشبونة، وقال ’حان الوقت لأوروبا كي تنتقل الى شيء آخر ولنصب كل جهودنا على المشكلات المهمة بالنسبة للاوروبيين: النمو الاقتصادي والعمالة والتغير المناخي والامن’.
الى ذلك وافق القادة الاوروبيون ايضا على الطلب من محكمة العدل الاوروبية انشاء ثلاثة مناصب لمحامين عامين، سيخصص احدها لبولندا.
مساواة إيطاليا ببريطانيا
وكان رئيس الوزراء الايطالي رومانو برودي يحتج من جهته على التوزيع الجديد للمقاعد في البرلمان الأوروبي الذي كان سيعطي اعتبارا من 2009 وللمرة الاولى مقاعد للايطاليين اقل من الفرنسيين والبريطانيين.
وكان البرلمان الاوروبي اقترح التوزيع الجديد لخفض العدد الاجمالي للنواب الاوروبيين الى 750 بدلا من 785 حاليا.
وحصل الايطاليون في نهاية المطاف على مقعد اضافي لنائب اوروبي ليصل عدد النواب الاوروبيين الى 750 اضافة الى رئيس البرلمان، بحسب الاجراء الذي توصلت اليه الدول ال 27.
واعلنت هذه التنازلات بعد محادثات انفرادية مطولة بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورومانو برودي وكاتزينسكي انضم اليها رئس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكر وسوكراتيس.

بولندا الخائفة من ’الأغلبية’

جاءت التنازلات التي اعطيت للبولنديين والايطاليين مثل غيرها من التسويات الصعبة التي شهدها تاريخ البناء الاوروبي.
فالاخوان كاتزينسكي اللذان يواجهان انتخابات تشريعية بولندية صعبة الاحد، كانا قلقين من خسارة نسبية لثقل بلدهما في نظام التصويت الجديد، الذي يعتمد الغالبية كما هو منصوص عليه في المعاهدة الجديدة.
وبعد الحصول على تأجيل العمل بهذا النظام الجديد الى 2014، طالبا ايضا ادخال الفقرة المعروفة باسم ’بند ايوانينا’ الذي يسمح للدول التي تمثل اقلية بتجميد قرار بعض الوقت.
كما حصلا على اضافة اجراء يوضح انه لا يمكن تعديل المعاهدة الا باجماع الدول الاعضاء.