كنت أحسبك قادرا على امتلاك الثواني، وتحدي المساحات الفارغة التي فصلتني عنك بحكم التاريخ أو الحياة، أو التراث الذي وحدنا في القيم وفرقنا في السلوك، لكن الخبرة علمتني أن "سقف" الحياة "اكتمال المعرفة"، واعتقاد البعض أننا قادرون على تجاوز "القناعات المسبقة" بمجرد التعامل مع "الحداثة". فما أقرؤوه أحيانا يضعني أمام المفارقات التي حاولت دائما تناسيها وليس تجاهلها... حاولت أن لا أدعها تقف أمامي فتوقني عن الحياة، وشكلت منها صورة لخلفية قاتمة أحاربها أحيانا أو أقف ونها أحيانا أخرى، فتصلني الردود التي "تشتم" أحيانا، أو تعبر عن عدم فهمها لما أكتب أحيانا أخرى.

الكتابة مهما كانت تحليلية فإنها تحوي "ذاتية" خاصة، أو انحيازا ما، وهو ما يجعلني أحيانا أقفز فوق الفكار والكلمات لأنقل "قلق الأنثى" أو استبعادها من محور الحياة حتى ولو كانت في قلب الحدث... فتجربة الأنثى تملك من الفرادة ما يجعلها تتجاوز "معقول" الكتابة، أو حتى منطقية "الذكور" في تراتبية الجمل، وفي إضفاء طابع صارم على فعل الكتابة.

عندما توجد اخراقات أو عدم فهم للغرض، وفق ادعاءات البعض، فلأن سطور الأنثى تخرج أسرع من المعقول، فهي محاولة لصنع ما لم يسبق صنه، أو للبوح بتجربة، يخشى الكثيرون أن تصبح متداولة في مجالس "النساء".

وكنت أحسبك، أيا كنت من "الذكور" قادرا على متابعة التحرر مني، قبل أن أطالب نفس بالتحرر من سلطتك، فأنت أسير التجربة التي بقيت معي وأمامي، وصورة مبتسرة لعلاقات إنسانية حكمت البشرية، لكننا نختصرها برغبات فقط، دون ان نحاول كسر حواجز "المعرفة" المطلقة التي تحكم العلاقات بيننا.

فمن قال أن حرية المرأة هي "سقف" المطالب اليوم!! هي فقط تنويه بأن الزمان القدين ولي حتى ولو بقينا نعيش نتائجه، وهي أيضا محطة فقط لكي يشعر الذكور أن "الكيد" العظيم لا علاقة له به بسلطة الذكور أو بتنحي الإناث إنه فقط تهويمات تاريخية لم تعد في الزمن الحالي سوى مقاومة للتراث كي يستطيع الوقوف.

من يستطيع القراءة أو يرفض "البوح"، أو يعتبر أن الكلمات المتقطعة تجعل من الصعب فهم النص عليه أيضا أن يستوعب أن الأنثى كانت ومازالت تكتب بقانون الذكور، بينما الذكور يفهمون النص وفق النظرة التي تربطهم بصورة نمطية واحدة للإناث، سواء كانت جارية أو عاهرة أو محصنة... فهل نستطيع قراءة النص الأنثوي من جديد؟ إنه سؤال لمعرفة الآخر والتحرر منه بدلا من التواري خوفا من المواجهة.