لعل أهم ما يمكن وصفه للحالة السورية ـ الإيرانية في الصراع الدائر حاليا في الجنوب التركي بالتحالف الثنائي المستمر للضغط على الولايات المتحدة الاميركية التي تحاول بشتى الوسائل انتزاع النقاط المجانية من السوريين قبيل مؤتمر السلام الذي تنوي الولايات المتحدة عقده الشهر المقبل.

وجاء تأييد الرئيس السوري للموقف التركي من المقاتلين الاكراد الناشطين في شمال العراق واعتبره حقا مشروعا لهذه الدولة في مكافحة الارهاب والتمرد وذلك في اول موقف عربي داعم للخطة التركية. أما نظيره التركي عبدالله غول فدعا الى حل كل المشاكل في المنطقة، بما فيها تلك القائمة بين سوريا ولبنان. كلام الاسد جاء في مؤتمر صحفي مشترك مع غول وقال الرئيس السوري ان بلاده تؤيد القرارات المطروحة على جدول اعمال الحكومة التركية فيما يتعلق بمحاربة الارهاب والنشاطات الارهابية وان سوريا تعتبر ذلك حقا مشروعا لتركيا وان سوريا تدعم كل القرارات التي يتخذها الاتراك وتقف الى جانبهم وفي المدلولات فإن سوريا التي تؤيد عملية لتقليم اظافر مقاتلي حزب العمال الكردستاني تنطلق من عدة محاور ولعل أهمها:

1 ـ ان اكراد سوريا حاولوا في العديد من المرات خلق نوع من البلبلة في الشمال الشرقي من سوريا وهو ما حفز اجهزة الامن السورية على الوقوف بالمرصاد لمثل هذه العمليات التي من شأنها خلق الفتن في بلد يسوده الامن والاستقرار. وأحداث القامشلي الاخيرة اكبر برهان على السياسة الانفصالية لتلك الجماعات المطالبة بحكم ذاتي داخل التراب السوري.

2 ـ ان الشمال العراقي يئن من التحركات الكردية التي تطالب على الدوام بقيام دولة كردية مستقلة وهو ما جعل الشمال العراقي يؤسس كيان دولة بعد سقوط نظام الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين وهو الحلم الذي يدغدغ عقول السياسيين الاكراد وهو ما يحملهم على خلق الفتن في تلك البقعة البترولية الهامة.

3 ـ ان تركيا تعاني منذ عقود من تلك الظاهرة التي تقض المضاجع التركية منذ سنوات وتتخذ منها الولايات المتحدة ذريعة للضغط على انقرة التي عارضت وتعارض استخدام اراضيها في غزوها للعراق والممانعة التركية لهذه الحملة التي جرت الويلات الى المنطقة.

4 ـ أما إيران الجارة لتركيا فترى في التمدد الكردي خطرا يهدد مصالحها ويعطي الفصيل الكردي نوعا من الشرعية في انتزاع دولة كردية ولو بقوة السلاح، وهذا التجمع الكردي فيما لو حصل فإنه سيدفع ايران لكي تتشارك مع جاراتها سوريا والعراق الهم الكردي.

ومن هنا فإن هذه العملية في المنظار الاستراتيجي السوري ستستهدف جماعة تهاجم الجنود الاتراك وان القوات المحتلة للعراق هي المصدر الحقيقي للإرهاب والمسؤولة في الدرجة الاولى عن النشاطات الارهابية التي تمارس فيه لانها هي التي تسيطر على البلاد وهي المسؤولة عن تحول هذا البلد الى ملاذ للمتمردين.

ولفت الرئيس الاسد في تلك الزيارة الهامة الى ان دمشق وانقرة تضطلعان بدور مهم في المنطقة وان التعاون والتنسيق بينهما ذو اهمية حيوية من اجل الاستقرار والسلام في المنطقة. واضاف انه وغول بحثا في سبل استمرار البلدين في القيام بهذا الدور والتوصل الى تسوية عادلة وشاملة في المنطقة، مكررا التمسك بوحدة اراضي العراق وشعبه وتشجيع الوفاق الوطني في هذا البلد.

ومن هنا فإن التنسيق والتعاون السوري ـ التركي آخذ بالتصاعد والتطور في ظل الحصار الجائر المفروض على سوريا بحيث يقف العراق في مواجهة سوريا وغلق الحدود مع الجارة الغربية كيفما ارادت سلطة الاحتلال الاميركي في صورة واضحة لانتزاع تنازلات من دمشق التي لعبت بأوراق ضاغطة وارهقت الحسابات الاميركية.

والاردن يختلق المشاكل مع دمشق عن قصد ودون قصد تنفيذا للاملاءات الاميركية وايضا يقف اهل السلطة في لبنان في عداء مستطير لسوريا وتكال الاتهامات لها جهارا نهارا من قبل الحريري الصغير.

واسرائيل التي تؤلب العالم بوجه سوريا تلعب بالافرقاء اللبنانيين فتعدد الاغتيالات بحق اقطاب الرابع عشر من فبراير وتصبح سوريا المتهم الوحيد في تلك القضية.

وحدها تركيا التي ترسم لعلاقات مميزة مع الجارة الجنوبية ويطمح الرئيس الاسد الى تعزيزها.

مصادر
الوطن (قطر)