سؤال تبدو الإجابة عنه أشبه بالمغامرة بحد ذاتها، خاصة مع الاحتمالات التي تنتشر خيوطها وتتشعب بارتباطات اقليمية. الشارع السوري يقف مراقباً ومتابعاً

سؤال تبدو الإجابة عنه أشبه بالمغامرة بحد ذاتها، خاصة مع الاحتمالات التي تنتشر خيوطها وتتشعب بارتباطات اقليمية.

الشارع السوري يقف مراقباً ومتابعاً لما يحدث بكافة الاتجاهات، بين أمريكا التي تريد تأديب إيران ولجم الدب الروسي والتنين الصيني اللذان يقفان خلفها ليس لسواد عيون الخمينين، وانما بفضل عقود النفط.والغاز الطبيعي.

وبين فرنسا التي تلعب على الحبلين إن صح التعبير،بين التصعيد مع أمريكا وفي الاتحاد الأوروبيين لإعادة إيران إلى الحظيرة الدولية..

دون أن ينسى وزير خارجيتها أن يطلق تصريحات تحث على اعتبار سوريا طرف أساسي لحل مشاكل العراق الملتهب بفعل خصخصة الحرب والأمن في المنطقة..

وبين إسرائيل المتأبطة شراً من السلاح النووي الإيراني ومن خلفها (عامدة أو غير متعمدة ) دول الخليج العربي..

التي تخشى السلاح الإيراني ولا تشعر بالأمان معه، رغم انتشار القواعد الأميركية في شعاب مكة..

رغم ذلك فإن الدول الخليجية لن تشعر بالأمان دون حقنة مهدئة من خليفة "غلوسوم" الذي أطلق طائرات أف 117 من قاعدة خميس مشيط لقصف ملحأ العامرية "المدني" في العراق "البلد الشقيق"عام 1991 فيما عرف بـ"مجزرة العامرية".

ذلك أن هاجس تحقق القوس الشيعي لا يزال قائماً في أولوية حسابات دول البترودولار الجيوسياسية ..

ولا بأس من يكتمل نصاب الحرب النفسية الأميركية ببهارات إسرائيلية تمثلت بالغارة على تل الأبيض، ومع القليل من التصعيد الديجيتال عن وجود منشأة نووية..تماماً ككذبة "الدمار الشامل" التي صدقت بعد عاصفة الصحراء والاجتياح الأمريكي للعراق فقط!

سياق الحرب النفسية والتهويل الإعلامي يدفع ماهر وانلي (مصور) للشعور أن" الاتموسفير (الجو) غير مطمئن، ويدفع للتوقع بحدوث شيء ما"، ويقول " الحرب واردة ضمن الاحتمالات، وليس بالضرورة أن تكون بيننا وبين إسرائيل"..

ربما يغدو وقوف إيران بالواجهة النووية دافعاً كافياً لتحوم الشكوك حولها، فالتاريخ لا يحفل منذ الأزل يكرر نفسه في "شرق المتوسط"، وفق القاعدة إياها دون أدنى شذوذ "حلفاء الأمس أعداء اليوم"، وهذا واضح لمتمرسي السياسة اللذين اعتادوا الانقلابات الجذرية بـ 180 درجة على مقياس ريختر، كألف باء للعب السياسي...

بالأمس القريب كانت الأسرة البهلوية مدللة الغرب، لذلك كان على أمريكا وبريطانيا اتخاذ موقف ما من الخمينين اللذين اقتربوا من الخطوط الحمراء "النفط"..

لذلك كان لا بد من حرب بـ"النيابة" أو بالوكالة مع العراق.

العراق الذي كان بدوره بالأمس القريب "صديقاً لدوداً"، الصداقة اللدودة وفق القاموس الأمريكي تقتضي دفع الثور العراقي إلى حرب تستنزفه وتنهك قواه وقوى الخمينين في حرب تصفية، لذلك كانت الحرب العراقية الايرانية...

بعد نهاية الحرب العراقية الإيرانية دفعت أمريكا بالثور العراقي إلى حظيرة الكويت لتعمل فيما بعد على خلع قرنيه بالتقسيط على مدى 14 عاماً...وفق إعلان تجاري سمح، اختارت الأمم المتحدة العنوان الأفضل له والأكثر صلافة "النفط مقابل الغذاء"، تيمناً بمشروع مارشال وعلى أمل طحن العراقيين وجعلهم ماكدونالدز أمريكي..

رغم ذلك يفضل ابراهيم حسن (مقاول) وضع كل الاحتمالات ودراستها، لذلك يقف أمام احتمالين :الأول هو "اللاحرب" ويستند فيه إلى صعوبة وضع أمريكا في المستنقع العراقي، والنصر الذي حققته المقاومة في لبنان في عدوان تموز، الأمر الذي لا يشجع أمريكا على خوض حروب جديدة في المنطقة، فإيران دولة قوية بشرياً عسكرياً اقتصادياً...

ولكن ونظراً لتاريخ أمريكا الحافل بالسوابق، فأن احتمال الحرب يبدو حاضراً أيضاً خاصة مع وجود مخطط الشرق الأوسط الجديد، لذلك يردد ابراهيم بأسف "إدارة متهورة كهذه لا أعتقد أنها ستتورع عن القيام بهذه الحرب"..

مرة أخرى ...حرب أو لا حرب؟

ربما يكمن الجواب في ظل انفلاش الأوراق من يدي الإدارة الأميركية في زيارة بوتن لإيران، وزيارة الرئيس بشار الأسد إلى تركيا مع التصعيد التركي ضد حزب العمال الكردستاني، لقطع أي تحرك مستقبلي لليقظة الأمريكية الأخيرة على مادعته بـ"مجازر الأرمن" ، متناسية دور الأكراد في المجازر، لا لشيء فقط لأن "كردستان العراق" الممتد بين "سوريا تركيا العراق" لا يسير بالسرعة المطلوبة مع المخطط الأمريكي...

لذلك عاد التصعيد الأمريكي في العراق ضد الأبرياء والمدنيين أولا وأخيراً..

وكان التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية كمنفذ للاختناق الإسرائيلي في ظل عدم وجود أي إمكانية لخوض حرب من جهة.

وللتمهيد لمؤتمر الخريف كورقة أخيرة تلعبها أميركا بعد تضاؤل فرص الحرب في ظل المربع التركي الروسي الإيراني الصيني من جهة أخرى..

فالقواعد الأميركية في تركيا وفي أوريا الشرقية لم تعد صالحة للاستهلاك بعد مؤتمر بحر قزوين وفي ظل استباق تركيا لقرار الكونغرس الأميركي حول أرمن تركيا، ومنح البرلمان التركي صوته للحرب على الشمال العراقي..

ضمن هذه الأطر يبدو أن حساب البيدر الأميركي لم يطابق حساب الصندوق التركي العراقي، خاصة مع تصريح أكراد شمال العراق بعدم السماح بحدوث أي عملية تجاه الداخل التركي ..

بد ذلك واضحاً مع رايس التي أتت مهرولة على حين غرة مستنجدة بالإسرائيلين وبمحمود عباس، على أمل أن تحجب الأضواء عن رسالة بوتن ونجاد كقمة مضادة للتوجه الأميركي....

والتحالف السوري التركي بالمقابل أيضاً..

حاملة ورقة يتيمة لا تبدو في أوانها وهي الترويج لمؤتمر الخريف والتأكيد على شرعيته ..الأمر الذي بدا أشبه بالنكتة البايتة، خاصة مع إعلان الإدارة الأميركية أنها تفكر بتأجيل مؤتمر الخريف..ما لم تنتبه إليه رايس!