أجمع ممثلو اليمين واليسار في إسرائيل على أن المواقف التي عبر عنها الرئيس الفرنسي نيكالو ساركوزي خلال لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت امس في باريس تمثل " نقطة تحول فارقة وتاريخية " في علاقات إسرائيل بفرنسا وبأوروبا.وأكدت وسائل الاعلام الإسرائيلية التي ابدت اهتماماً واسعاً بنتائج الزيارة أن ساركوزي فاجأ أولمرت بتبنيه تقريباً معظم المواقف الإسرائيلية سواء على الصعيد الاستراتيجي أو على صعيد حل الصراع مع الفلسطينيين. وقال السفير الإسرائيلي في فرنسا جاد شيك في تصريح للإذاعة الاسرائيلية باللغة العبرية أنه من خلال تواجده الطويل في فرنسا يمكنه القول بحزم أن فترة حكم الرئيس ساركوزي ستمثل " تعزيز كبير لمصالح اسرائيل الاستراتيجية في العالم ".من ناحيته قال السفير السابق نسيم زفيلي أن " دولة إسرائيل استيقظت فجأة لتجد أن لديها صديق وحليف قوى ينطلق في صداقته وتحالفه معها من منطلقات ايدلوجية ثابتة وراسخة "، متوقعاً أن ينجح ساركوزي في قيادة أوروبا والاتحاد الأوروبي الى مواقف مؤيدة وقريبة من المواقف الاسرائيلية. وقد اختصرت القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي تصوير الشعور الاسرائيلي من مواقف ساركوزي، قائلة " اسرائيل تعيش اجواء صدمة ايجابية لهذه المواقف ؟

" إسرائيل معجزة القرن العشرين "

وفي أول تصريح من نوعه يصدر عن زعيم أوروبي، اعتبر ساركوزي قيام إسرائيل " بمثابة معجزة، وأن اقامتها مثل أهم تطور تاريخي حدث في القرن العشرين ". وأضاف ساركوزي " أنني لا أؤيد إسرائيل لأن جدي يهودي، فموقفي من إسرائيل ليس موقفاً شخصيا، فهذه الدولة القائمة على تعدد الأعراق أدخلت للشرق الاوسط الديموقراطية، لقد تحققت هنا معجزة، أن يتجمع أبناء الشعب اليهودي ويقيموا دولة بهذه الروعة ". وخلافاً لمواقف فرنسا السابقة ومواقف جميع دول أوروبا، أعلن ساركوزي تأييده غير المتحفظ لموقف إسرائيل الرافض لحق العودة للاجئين الفلسطينيين، قائلاً ليس منطقياً أن يطالب الفلسطينيون بدولة مستقلة وفي نفس الوقت يطالبون بعودة اللاجئين الى دولة اسرائيل، فلكل طرف له الحق في إقامة دولة خاصة به ". وذهب ساركوزي الى أبعد من ذلك عندما قال أن " أمن إسرائيل هو خط أحمر يحظر تجاوزه، ولن يكون عرضة للمساومة والمفاوضات، ولن نتنازل عن ضمان بقائه الى ابد الآبدين ". من ناحيته قال احد مستشاري ساركوزي لصحيفة " هارتس " الاسرائيلية " في الوقت الذي نتأكد من ضمان أمن اسرائيل، فبإمكاننا أن نقوم بعرض حلول ابداعية للفلسطينيين ".

يؤيد ضرب إيران

اولمرت تطرق لفحوى المحادثات التي أجراها مع ساركوزي بشأن مواجهة المشروع النووي الإيراني، فقال " فيما يتعلق بإيران، فقد سمعت من الرئيس ساركوزي أفضل ما كنت أتوقع أن اسمعه ". وقال المراسلون السياسيون الذين رافقوا اولمرت في جولته أن ساركوزي ابدى حماساً لضرب المشروع النووي الإيراني، رغم أن أولمرت نفى أن يكون قد تطرق لموضع العمل العسكري ضد ايران في لقائه مع ساركوزي. واشار اولمرت الى أنه حصل على موافقة ساركوزي على محاولة تمرير مشروع قانون في مجلس الأمن الدولي يفرض عقوبات اقتصادية على ايران، وفي نفس الوقت فقد اتفق الاثنان على أن تقود فرنسا تحرك يهدف لاقناع دول أوروبا بفرض منظومة عقوبات اقتصادية مستقلة على ايران من اجل دفعها لترك المشروع النووي. وادعى اولمرت أن أن الضغوط الاقتصادية التي مورست على ايران سيما على المنظومة البنكية هناك اصبح لها تأثير واضح. وفي مقابلة مع صحافيين فرنسيين، قال أولمرت " يتوجب منع رجال الاعمال الايرانيين من عقد صفقات تجارية، حتى تقوم الطبقة المسيطرة على الاقتصاد الايراني بتحرك ما ضد النظام الحاكم هناك ".

من ناية ثانية كشفت صحيفة " يديعوت احرنوت " النقاب عن أنه قبل بضعة اسابيع عقد ساركوزي بحثا في قصر الاليزيه بهدف فحص سياسة بلاده من مسألة التهديد النووي الايراني، حيث شارك في البحث مسؤولون كبار في الوزارات الحكومية، الى جانب ممثلين عن الاستخبارات وجهات اكاديمية. وحاول المتحدثون التقدير كم هي ايران قريبة من القدرة على انتاج السلاح النووي، حيث كان هناك من تحدث عن أن ايران توجد على مسافة ثلاث سنوات من انتاج القنبلة فيما قدر الاخرون بان المدة خمس سنوات. واضافت الصحيفة أن ساركوزي، المعروف بمزاجه العاصف، قام غاضباً و ضرب فجأة على الطاولة وقال بغضب: "كل تقديراتكم هذه لا تعنيني. من ناحيتي يجب علينا أن نقرر سياسة وكأن القنبلة الايرانية ستكون جاهزة منذ الغد". وأشارت الصحيفة الى أن دوائر صنع القرار في تل ابيب اطلعت على ما دار في لقاء ساركوزي مع مستشاريه، حيث تبين أنه يقود خطاً متشدداً للغاية ضد حصول ايران على سلاح نووي.

شيراك؟ لا مجال للمقارنة

ولا خلاف بين وسائل الاعلام والدبلوماسيين الإسرائيليين على أنه لا يوجد ثمة مقارنة بين ساركوزي وسلفه جاك شيراك، الذي كان يتبنى على الاقل من ناحية اعلامية مواقف مؤيدة للعرب وللفلسطينيين تحديداً، الى جانب أن ادارة شيراك لم تؤيد اصلاً وضع البرنامج النووي الايراني في بؤرة الاهتمام العالمي. واشار " يديعوت احرنوت " الى أنه خلافا لاسلافه فاجأ ساركوزي ايضا مصممي السياسة الخارجية في بلاده حين ظهر مؤخراً ما في اجتماع السفراء الفرنسيين وصرح امامهم: "اتخذ صورة الصديق لاسرائيل. هذه الصورة محقة. أنا بالفعل صديق اسرائيل".