في حفل توقيع ونقاش كتاب (المسألة العربية : مقدمة لبيان ديمقراطي عربي) للمفكر العربي-الفلسطيني عزمي بشارة، بدا وكأن الفكر القومي عاد ليستعيد وهجه وألقه الماضي، حيث غصت قاعة تابعة لكنيسة يوحنا الدمشقي الواقعة في منطقة أبو رمانة بوسط العاصمة السورية، بالجمهور من مختلف الشرائح؛ رجال دين إسلامي ومسيحي، مثقفين، كتاب أدباء فنانين، سيدات مجتمع، مهتمين ... إلخ

وبدأ الحفل الذي دعت إليه دار قدمس للنشر والتوزيع، بالتعاون مع دار أطلس، بفقرة فنية من فرقتي (ألوان) و(قوس قزح)، بقيادة المايسترو حسام الدين بريمو، حيث قدمت فرقة الأطفال (ألوان) أغنية (متل الورد بالهوى)، أما فرقة الشباب (قوس قزح) فقد قدمت (متتالية روحية) عبارة مزيج من أناشيد دينية مسيحية وإسلامية، في دلاله على تميز الموزاييك الموسيقي الثقافي السوري المتناغم، وكان لهذه القطعة الموسيقية وقعاً مؤثراً في الحضور، حتى أن الدمع لاح بأعين كثر .

بعدها تحدث الدكتور بشارة لعشرة دقائق عرض فيها مشاريعه المستقبلية ونوه إلى أن التعايش الذي عبرت عن (المتتالية الروحية) هو نقطة القوة الذي تفخر بها سوريا، وأوجز موضوع كتاب المسألة العربية، ثم بدأ التوقيع ليستمر عدة ساعات. ومع أن حفلات توقيع الكتب خارج إطار معرض الكتاب مكتبة الأسد السنوي، راح ينتشر بشكل ملحوظ في دمشق مؤخراً، والإقبال عليها يتفاوت بين كاتب وآخر بحسب علاقات وشهرة كل كاتب، وغالباً لا يكون الحضور الكثيف فيها مرتبطاً بأرقام المبيع التي تأت منخفضة بالعادة، و يمكن القول إنه للمرة الأولى يكون حجم المبيع مساوياً تقريباً لحجم الحضور، علماً بأنه تم عرض كل مؤلفات عزمي بشارة إلى جانب مؤلفه الأخير، وعزا أحد الحضور ذلك إلى أن غالبية الحضور كانوا من الجمهور العادي، وهم من خارج دائرة المعارف والأصدقاء والرسميين، فهؤلاء عادة لا يشترون الكتاب.

كما لوحظ أن عدد لا بأس به من الشباب اشترى كافة العناوين، حيث وقف الجمهور في طابور طويل بانتظار دورهم ليس للحصول على توقيع المؤلف وحسب بل لتحية عزمي بشارة وتبادل الكلام معه وسؤاله عن آخر أخباره
د. زياد منى مدير دار قدمس قال: "أقمنا حفل لتوقيع كتاب ليس من إصدارتنا وإنما عن مؤسسة دراسات الوحدة العربية، كنوع من التكريم للصديق الدكتور عزمي بشارة وفكره، وكان المخطط أن يفسح المجال للنقاش حول موضوع الكتاب، لكن الإقبال الكبير على الحفل حال دون ذلك". ويضيف: إنه كان يتوقع أن يكون الإقبال كبيرًا لكن ليس بهذا الحجم ، حيث أن أيا من الصحف لم تنشر إعلانُا عن الحفل، واقتصر الإعلان على التبليغ الشخصي بالهاتف والإيميل، وقال د. زياد منى مستغرباً "لا افهم سبب تجاهل الإعلام المطبوع لهذا الحفل. فيما التلفزيون السوري أبدى اهتماماًُ جيداً يشكر عليه".

من جانبها قالت صاحبة دار أطلس للنشر سمر حداد أنها كانت واثقة من نجاح الحفل، بسبب الشعبية الواسعة التي يتمتع بها عزمي بشارة، كونه يجدد الأفكار القومية ويطرحها بصيغة جديدة خارج النمط الذي كان سائدا مله الناس.

لاشك في أن الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها عزمي بشارة في الأوساط السورية تنم عن تضامن كبير مع قضيته، وتؤكد بشكل غير مباشر على عودة الروح والوهج للفكر القومي العربي الذي تعرض للتهشيم والانتهاك جراء الزلازل الأمريكي الذي عصف ومازال بمنطقتنا. إلا أن ما يؤسف له أن يكون (كتاب الانتفاضة والمجتمع الإسرائيلي) الأقل مبيعاً بين كتب بشارة في هذا الحفل ما عزاه البعض إلى تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية عموماً.