طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون كلا من سورية وايران «اللتين لهما علاقات وثيقة» مع «حزب الله» ان «تدعما عملية» إحياء حوار سياسي في لبنان «لتأكيد التزام جميع الأطراف نزع سلاح الميليشيات اللبنانية في لبنان، بما فيها حزب الله، تنفيذاً لعناصر القرار الدولي الرقم 1559». وقال بان، مستخدماً تعبير «التوقع» بمعنى المطالب: «انني أتوقع التعاون القاطع من جميع الأطراف الاقليمية ذات الصلة، والتي لها القدرة على دعم مثل هذه العملية، وابرزها الجمهورية العربية السورية والجمهورية الاسلامية في ايران، اللتين لهما علاقات وثيقة مع حزب الله، وذلك من أجل الأمن والاستقرار وسلامة لبنان، وكذلك المنطقة الأوسع»، معلنا ان «القرار 1559 لم ينفذ بكامله بعد».

وقال الامين العام، في التقرير السادس عن مراقبة تنفيذ القرار الـ 1559 الى مجلس الأمن، ان «المعلومات التي أتلقاها باستمرار، وتفيد ان حزب الله أعاد بناء قدراته العسكرية مقارنة بما كانت عليه قبل حرب تموز (يوليو) وآب (اغسطس) 2006 وزادها، مثيرة للقلق العميق وتتناقض تناقضا مطلقا مع نصوص القرار الـ 1559». واضاف: «انني أعيد تأكيد اقتناعي بأن الانتهاء من نزع سلاح حزب الله، بمعنى استكمال تحوله حصراً الى حزب سياسي، تتطابق مع متطلبات اتفاق الطائف، وهو عنصر حاسم الأهمية لمستقبل السيادة الكاملة للبنان ووحدته ومستقبله السياسي».

واعتبر ان الانتخابات الرئاسية المقبلة في لبنان يجب ان تمثل «صفحة جديدة في التاريخ الصعب» للبنانيين. وقال: «يجب ألا يكون هناك فراغ سياسي على مستوى الرئاسة، ولا حكومتان متنازعتان، يجب احترام الشروط الدستورية كاملة، وعليه يجب ان يمكّن الحوار السياسي من انتخاب رئيس جديد قبل الموعد الدستوري النهائي في 24 تشرين الثاني (نوفمبر)». وحض «الأطراف اللبنانية السياسية على حوار بناء وعلى التطلع الى وفاق، باحترام كامل لاتفاق الطائف، فالرئيس يجب ان يتمتع بأوسع قبول ممكن»، معتبرا ان اختباء النواب أو لجؤوهم الى الخارج لأسباب أمنية «غير مقبول»، ولافتا الى ان الاغتيالات السياسية للنواب قد خفضت الأكثرية الى 68 نائباً وهي «تشير بشدة الى جهود مركزة هدفها تقويض المؤسسات الديموقراطية في لبنان».

وبعدما قال بان ان الانتخابات الرئاسية في لبنان، خلال خضوعه للنفوذ السوري، تمت دائماً بتحوير الدستور، اعرب عن اعتقاده بانه «هذه المرة، وفي اعقاب انسحاب القوات السورية والمعدات العسكرية والمؤسسة الاستخبارية العسكرية السورية، فإن أمام اللبنانيين فرصة إجراء عملية انتخابات رئاسية حرة وعادلة، طبقاً للقواعد الدستورية ومن دون تدخل خارجي، وذلك للمرة الأولى منذ انتهاء الحرب الاهلية». وقال: «ان انتخابا كهذا سيقطع شوطاً رئيسياً في الطريق نحو إعادة تأكيد سيادة لبنان وسلامة أراضيه ووحدته واستقلاله السياسي، كما حددت أهداف القرار 1559».

ووجه الأمين العام، في تقريره، «تحية الى الشعب اللبناني الشجاع وقادته السياسيين الذين وقفوا بحزم في النضال من أجل هذه الأهداف». كما توجه بالثناء على الحكومة اللبنانية والقوات اللبنانية المسلحة و»تهنئتها بالتغلب على الامتحان الصعب والتحدي الآتي من الميليشيات لا سيما فتح الاسلام». وقال إن «أبرز عنف وامتحان للسلطات اللبنانية وللشعب اللبناني ككل قد أتى ومضى، وما زال اللبنانيون واقفون بشموخ».

كما أثنى على الحكومة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية «على دورهما في إعادة استتباب الأمن في المخيمات» الفلسطينية، مشيراً الى ان اللاجئين الفلسطينيين في هذه المخيمات «يدفعون ثمن أفعال الآخرين الخاطئة». وأضاف ان الوضع في المخيمات «لا يزال مزعزعاً» وان هناك «صراعات مسلحة أحياناً بين الميليشيات الفلسطينية بصورة تعكس العنف الذي يحدث في قطاع غزة بين فتح من جهة وحماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة (مقرها دمشق)». وشدد على «حتمية إحراز تقدم نحو تفكيك الميليشيات الفلسطينية وكذلك نحو تحسين ظروف اللاجئين».

واكد بان انه تلقى «معلومات اضافية من أطراف اقليمية»، تشير الى ان «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» اعطت دعماً لوجستياً الى «فتح الاسلام» أثناء حرب الأخيرة ضد السلطات اللبنانية «وهي تهيئ لعمليات محتملة». وتابع انه بحسب هذه المعلومات، فإن الجبهة «مستمرة في علاقاتها الوثيقة مع سورية ومع حزب الله وهي تتلقى الدعم المادي وكذلك التدريب العسكري من ايران». واضاف انه تلقى من اسرائيل ومن دول خرى، معلومات عن أن «حزب الله» تمكن من «التعويض عن كل ما خسره في حرب العام الماضي، وانه اقام شبكة اتصالات». وأكد ان «استمرار حزب الله في إدارة بنية تحتية من السلاح والاتصالات المنفصلة عن الدولة، له أثر سلبي على جهود الحكومة اللبنانية لبسط سلطتها كاملاً على كل الاراضي اللبنانية، طبقاً للقرار 1559». وقال انه تلقى معلومات من الحكومة اللبنانية تقول ان هناك أدلة على قيام «حزب الله» بتدريب ميليشيات ومجموعات في لبنان ويوفر لها السلاح. كما اشار الى «ادعاءات» عن أن ميليشيات كل الأطراف السياسية في لبنان تعيد التسلح.

وشدد الأمين العام على المخاوف من قيام الأحزاب السياسية بالاستعدادات «لإمكان تدهور الوضع» أكثر فأكثر، وقال ان «اعادة التسلح والتدريب العسكري ينتهك بصورة مباشرة دعوة القرار 1559 الى نزع السلاح وتفكيك كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية». وأشار الى أدوار الأطراف الخارجية في لبنان، وقال ان «التوغل والتدخل الخارجي في لبنان أدى الى تفاقم الأزمة، وحان وقت وقف التدخل الخارجي والسماح للشعب اللبناني وممثليهم السياسيين بتقرير مصير لبنان بمفردهم».

وتابع بلهجة المطالبة: «في هذا الإطار، أكرر توقعاتي من سورية بأن تتعاون مع المسائل ذات الصلة للتنفيذ الكامل لجميع عناصر القرارت 1559، و1680 و1701». وأشار الى رسالة من نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد رداً على رسالة رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة تضمنت تعهدات باحترام السيادة اللبنانية، «وأتوقع التزام سورية سيادة لبنان وسلامة أراضيه ووحدته واستقلاله السياسي».

ولفت بان، في تقريره، الى ان جهوده استمرت نحو بدء عملية تؤدي الى إقناع سورية بإقامة العلاقات الديبلوماسية مع لبنان، انما «لم يتم أي تقدم نحو هذا الهدف»، كما أشار الى مساعيه لتحقيق ترسيم الحدود السورية - اللبنانية، ومن ضمنها مزارع شبعا، انما «حتى الآن ليس هناك اتفاق بين الأطراف». وقال انه سيقدم تقريراً مفصلاً حول هذه المسائل كما حول الانتهاكات الاسرائيلية للاجواء اللبنانية والسيادة اللبنانية في تقريره عن تنفيذ القرار 1701 والمتوقع في اسابيع.

وشدد على ان «منع خروقات فرض حظر السلاح» الى اي أطراف لبنانية غير الحكومة الشرعية مسألة رئيسية وأساسية. وقال: «تلقيت معلومات من دول أعضاء في المنطقة تبدو أنها تؤكد الادعاءات بأن سورية تقوم بتسهيل تدفق السلاح والمقاتلين عبر الحدود السورية - اللبنانية» الى لبنان، مشيرا الى ان «سورية مستمرة في نفي التورط في خروقات حظر السلاح».

واعطى بان، في تقريره، رسالة المقداد القدر نفسه من المساحة والاهمية لرسالة السنيورة، بما في ذلك ما جاء فيها من اساءة الى شخص الاخير وحكومته.

وتضمنت رسالة السنيورة الإشارة الى «اعترافات» المعتقلين من «فتح الاسلام» والى معلومات مفصلة تشير الى «خطة مدروسة بعناية لا يمكن ان تكون من دون معرفة مسبقة ومباركة من راعي فتح - الانتفاضة، وتحديداً الاستخبارات السورية». ووضع الأمين العام تفاصيل الرسالة اللبنانية في تقريره الى مجلس الأمن الذي سيتناول بالتأكيد في موقفه من التقرير ما جاء فيها لجهة «العلاقة المباشرة بين البعض في قيادة فتح الاسلام وبعض كبار مسؤولي الاستخبارات السورية، كشف عنها التحقيق، وهي تتطابق مع الشكوك بأن الاستخبارات السورية استخدمت فتح الاسلام لأهدافها السياسية والامنية في لبنان». وزادت الرسالة ان الادلة والمعلومات لديها تؤكد ان الخطة المدروسة هدفت «وراء السيطرة على اجزاء كبيرة من شمال لبنان، وضرب استقرار البلد من خلال تفجير المؤسسات الحكومية والتجارية، وشن حملة هجمات ضد القوات الدولية (يونيفل) لتخويف قرارات مجلس الأمن لا سيما 1701». هذا، بحسب رسالة السنيورة، إضافة الى مساعي الانقلاب على الحكومة «وخلق ظروف تؤدي الى منع التقدم في انشاء المحكمة الدولية» لمحاكمة الضالعين في الاغتيالات السياسة وفي مقدمها اغتيال رفيق الحريري.

ومن المتوقع ان يناقش مجلس الأمن تقرير الامين العام وان يستمع الى إحاطة من مبعوثه الخاص المكلف مراقبة تنفيذ القرار 1559، تيري رود - لارسن، الاسبوع المقبل.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)