في عاصمة تيمور الشرقية، ينتصب قصر رئاسي متلألئ على مقربة من مجمع متألق جديد على شاطئ البحر لوزارة الخارجية. كيف يمكن لتيمور الشرقية المكافحة التي استقلت حديثاً أن تتحمل القيام بمثل هذه المشاريع التي تثير الإعجاب؟ هذان المشروعان ليسا سوى هدية من حكومة الصين إضافة إلى ثكنات للجيش، وزي عسكري جديد لجنود تيمور ومجموعة من المساعدات التقنية وبرامج التبادل.

بالطبع، فإن للصين كل الحق بتوسيع نطاق نفوذها في تيمور الشرقية من خلال الاستغلال البغيض لمواردها المتراكمة. ولكن هذا التطبيق (للقوة الناعمة) الصينية يثير المفارقة، حيث كانت الولايات المتحدة هي التي ساعدت على ميلاد ديمقراطية تيمور عام 1999 عن طريق نشر آلاف الجنود دعماً لقوة حفظ السلام التي ساعدت على ضمان استقلال التيموريين.

بعد ستة أعوام، قامت الولايات المتحدة التي أنهكتها الضغوطات الاقتصادية والعسكرية لاشتباكنا الطاحن في العراق، بقيادة التحرك الهادف إلى إزالة قوة المتابعة التابعة للأمم المتحدة التي ضمنت الاستقرار في تيمور، بينما قلصت المساعدة الثنائية بنسبة 40% تقريباً بين عامي 2001 و2006.

بالتأكيد، فتيمور لا تعد أولوية أمنية قومية بالنسبة للولايات المتحدة. ولكن قصة تيمور الشرقية يجري تكرار روايتها في أرجاء العالم من قبل الصين والقوى الأخرى مع قيام الولايات المتحدة بتقليص تدخلاتها في آسيا، وأميركا اللاتينية وإفريقيا تحت وطأة هوسنا بالعراق. هذه التطورات تحمل عواقب استراتيجية وخيمة وقد لا يكون بالإمكان عكسها.

بينما احترقنا في العراق، كان آخرون يلهون. إن دبلوماسية الصين تتخطى تيمور الشرقية بكثير. فالصينيون يقدمون مليارات عديدة من الدولارات للمساعدة على إنشاء الطرق، والموانئ والجسور من لاوس إلى كمبوديا إلى الفلبين، متفوقين بذلك كثيراً على المساعدة والتدخل الأميركي في المنطقة وينافسون برامج المساعدات التي يقدمها البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي.

وقد دفعت الصين مصالحها في إفريقيا إلى الأمام أيضاً: فآفاق التجارة والمساعدة جلبت أكثر من 40 رئيساً إفريقياً إلى قمة في بكين العام الماضي. وبالمثل، يستخدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القوة والمال ليضع أسس القاعدة للهيمنة الروسية على جيرانه السوفييت السابقين، إضافة إلى موارد الطاقة الأوروبية.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة كانت تحاول عمل اختراق قبل عقد من الزمن بين دول آسيا الوسطى حيث سعينا إلى تشجيع التوافق الاقتصادي والسياسي مع الغرب، إلا أن بوتين أبرم مؤخراً اتفاقيات إقليمية للطاقة عززت النفوذ الروسي بشدة، بما في ذلك اتفاقية مع تركمانستان وكازاخستان لمد خط أنابيب الغاز على امتداد ساحل بحر قزوين إلى روسيا.

إن مكاسب روسيا الدبلوماسية تعرض مشاريع خط أنابيب الطاقة التي تدعمها الولايات المتحدة وأوروبا والتي ستعزز تنويع مصادر الإمدادات النفطية. وقد شدت الاتفاقيات انتباه المسؤولين الأميركيين الكبار بعد فوات الأوان، ولكن السيف كان قد سبق العذل.

كان العراق هو الأساس المنطقي وراء تأجيل وزير الخارجية روبرت غيتس زيارة كان قد تم التخطيط لها منذ وقت طويل إلى أميركا اللاتينية، وهي منطقة أخرى حيث تخلت فيها الولايات المتحدة عن القوة والنفوذ.