فشلت المحادثات العراقية - التركية في الخروج بإقتراحات ترضي الجانب التركي، في وقت عززت أنقرة قواتها على حدودها الجنوبية الشرقية حيث حشدت مئة ألف جندي وآليات ومدافع هاوتزر ثقيلة وطائرات هليكوبتر قتالية. كما قصفت مقاتلات تركية ومروحيات من طراز «كوبرا» حصون «حزب العمال الكردستاني» التي أُقيمت على الأراضي التركية. واعتبر اعلان تركي عن «عدم الرضى» عن المحادثات وطلب تسليم اعضاء «الكردستاني المتواجدين في العراق بمثابة الانذار الاخير قبل بدء العمليات العسكرية الشاملة التي يمكن ان تتأخر الى ما بعد زيارة رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان لواشنطن في الاسبوع الاول من الشهر المقبل.

وقال ديبلوماسي تركي رفيع المستوى إن «مجموعة إقترحات عرضها الوفد الوزاري العراقي الى أنقرة، للحؤول دون شن عملية عسكرية كبيرة ضد المتمردين الاكراد في شمال العراق، لم تكن مرضية ولم تلب توقعات تركيا». وستعقد اليوم جلسة نهائية يمكن ان يسلم المفاوضون الاتراك فيها الى العراقيين نص الانذار الاخير الى الجانب العراقي.

وقال جميل جيجك نائب رئيس الوزراء التركي امس ان بلاده تريد من العراق تسليم كل اعضاء «الكردستاني» المتمركزين في شمال العراق، مشيرا الى ان القوات الجوية التركية قصفت اهدافاً في شمال العراق لكن لم يكن هناك توغل بري شامل. وذكر جيجك في مقابلة تلفزيونية ان «كل واحد من اعضاء حزب العمالي الكردستاني في شمال العراق مذنب... انهم مجرمون على الاقل لانهم اعضاء في منظمة ارهابية». واضاف «نريد تسلميهم جميعاً» مشيرا الى ان انقرة سلمت العراق قائمة باسماء الحزب.

ومنعت انقرة وزير داخلية اقليم كردستان العراق كريم سنجاري من دخول أراضيها للمشاركة في المحادثات التي اجراها امس، في جلستين، وفد عراقي يضم وزير الدفاع العراقي اللواء عبد القادر جاسم ووزير الامن القومي شيروان الوائلي مع مسؤولين أتراك، عُقدت الثانية منهما في حضور المسؤولة في السفارة الأميركية في أنقرة نانسي ماكالدوني. وسيجتمع جاسم مع نظيره التركي وجدي غونول اليوم السبت قبل أن يغادر أنقرة، إلا أن من غير المقرر إجراء محادثات إضافية عالية المستوى، وفقاً للديبلوماسي التركي ذاته.

وبحسب تقرير لوكالة «أسوشيتد برس»، فإن ممثلين عن حكومة كردستان، كانا ضمن الوفد العراقي الى أنقرة، لم يحضرا الجولة الأولى من المحادثات ولم يتسن معرفة ما إذا حضرا الجولة الثانية منها.

وعلى رغم إعلان الجانب العراقي عن «نتائج إيجابية» للمحادثات العراقية - التركية في أنقرة، إلا أن مسؤولاً تركياً قال لوكالة «رويترز»: «بالنسبة إلى العراقيين، فإن هذه الاقتراحات ربما تكون ملموسة وقوية، لكن بالنسبة الينا ربما كان بعض هذه الاقتراحات ضعيفا، لأن رؤيتنا تختلف. لذلك فإننا نجري الآن مشاورات داخلية».

وتستهدف الحشود التركية القضاء على نحوالى ثلاث آلاف من اعضاء «العمال الكردستاني» يتحصنون في الجبال الوعرة او في قرى قريبة من الحدود التركية. وقال مصدر عسكري في جنوب شرقي تركيا، طلب عدم نشر إسمه، «بدأنا نحرك مزيداً من القوات من أقاليم أخرى الى اقليم سيرناك». وكان الجيش التركي عزز قواته ولا سيما في اقليمي هاكاري وسيرناك المجاورين للعراق. وأبلغت مصادر أمنية وكالة «رويترز» بأن عشر مروحيات من طراز «سيكورسكاي» تحمل جنوداً وعتاداً عسكرياً أقلعت من إقليم هاكاري وتوجهت الى منطقة داجليجا قرب الحدود العراقية.

وكانت الصحف التركية شددت أمس على الاستقبال «الفاتر جداً»، الذي لقيه الوفد العراقي في أنقرة، عازية إرجاء المحادثات من ليل الخميس الى صباح أمس الجمعة، إلى استياء تركيا من عدم تحرك بغداد ضد المتمردين الاكراد. وذُكر أن «مساعد مدير في الشرطة استقبل الوفد»، ونزل في مقر الضيافة في الشرطة بدلاً من فندق فخم كان من المقرر أن ينزل فيه أساساً.

وأشارت الصحف كذلك إلى قوافل متواصلة تنقل الذخائر الى الحدود العراقية. وأن وحدات «كوماندوس» تتمركز في منازل سبع قرى مهجورة في منطقة تشكورجه المحاذية للحدود. وأفادت صحيفة «تركيش ديلي نيوز» أن السبيل الديبلوماسي لا يزال يملك فرصة حتى موعد اللقاء بين الرئيس جورج بوش وأردوغان في الخامس من الشهر المقبل في البيت الابيض» مع أن «الحكومة والجيش لا يعلقان آمالاً كبيرة» على هذا الحل.

من جهة ثانية أعلن الجنرال بنجامين ميكسون، قائد الفرقة المتعددة الجنسية، في شمال العراق ان الجيش الاميركي لا ينوي ان يقوم «مطلقاً بأي شيء» ضد متمردي «الكردستاني». وأكد ان محافظات شمال العراق الثلاث تقع تحت سلطة حكومة كردستان العراق الاقليمية الكردية، وانه لم يتلق اي تعليمات للقيام بتحرك في المنطقة الحدودية مع تركيا.