العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز يدعو لإشراك سورية في مؤتمر السلام، ثم يقول ان بلاده ستحضر في حال تأكد من نجاح المؤتمر، والأمرين على ما يبدو منفصلين، لأن البحث في نجاحه مازال مرهونا بعاملين: الأول موقع هذا المؤتمر من "المبادرة العربية" على علاتها، والثاني شرعية أي تحرك للسلام في ظل وجود أكثر من "معسكر" في هذه العملية.

أما مسألة إشراك سورية فهي ليست "شرطا" على ما يبدو بالنسبة للرياض لنجاحه، بل محاولة لاكتساب "شرعية" للسلام بالنسبة لها، وربما خلق خلل استراتيجي على مستوى المنطقة بالنسبة للجبهات "الافتراضية" التي نشأت منذ احتلال العراق وحتى اليوم.

فالتعامل السياسي حتى اليوم مع مؤتمر أنابوليس يخلط ما بين الرؤية الأمريكية له، وبين الاحتياجات الحقيقية التي يمكن يلبها هذا المؤتمر لمختلف الأطراف العربية المعنية بهذا الشأن. فالواضح اليوم أن إنجاز المؤتمر بذاته غاية أساسية للتعبير عن تحرك سياسي أمريكي في مقابل إغلاق كافة الأبواب الديبلوماسية تجاه الموضوع الفلسطيني، بينما تبدو غاياته العربية مختلفة نوعا ما، لأنها تسعى لإيجاد إطار منفصل للتعامل العربي بعد أن فشلت المبادرة العربية في تحقيق أي تحرك، وربما ستصبح بندا يتم التأكيد عليه مجددا هند الحديث عن السلام، مثل مرجعية مدريد أو قرارات الأمم المتحدة.

فدعوة سورية عمليا تحوي احتمالات مفتوحة، فإذا استجابت الولايات المتحدة ودعت سورية فإن هذا الأملا لا يحوي حوار ديبلوماسيا معها بقدر كونه تحميلها تبعات ما سيحدث في انابولس، على الأخص أن القادة الإسرائيليين مصرون على عدم منقشة مسألة الجولان، فسورية إذا لبت الدعوة ستكون أمام مأزق سياسي حيال علاقتها مع قضيتها المباشرة (الجولان)، وفي المقابل لن تحصل على عودة حقيقية للقنوات الديبلوماسية مع الولايات المتحدة، لأن المؤتمر أساسا "دولي" والرعاية الأمريكية له لا علاقة لها بالخلافات مع دمشق.

المؤتمر فيما لو انعقد سيحمل إلى سورية سواء حضرت أو لم تحضر مطالب جديدة، ولكنها هذه المرة تحت غطاء عربي – فلسطيني، في إخراج المنظمات الفلسطينية التي تعتبرها الولايات خارجة عن السياق الذي تريده، فأي اتفاق ولو شكلي في هذا المؤتمر سيجعل هذه المنظمات في مجابهة مع السياسات العربية، وهو أمر تم تجنبه حتى اليوم، ويبدو أن هذا الأمر بدأ بشكل استباقي مع الهجوم على مؤتمر دمشق الذي لم يظهر حتى اليوم كمؤتمر معارضة، أو انه على الأقل دعى كافة الأطراف الفلسطينية، لكن الجديد فيه انعقاده في دمشق، وهو ما يشكل "ازعاجا" للتعامل خارج الخطوط المستحدثة ما بين غزة والقاهرة أو رام الله والرياض.

بهذه الصورة فإن "المناورات السعودية" في الحديث عن دعوة دمشق تبدو وكانها تعويضا عن تجاوز "الاتفاقات العربية" بشأن السلام رغم أن هذه "الاتفاقات" تتعرض لانتقادات يومية، لكنها كانت على الأقل شكلا ديبلوماسيا تم الاتفاق عليه في بيروت ثم أعيد انتاجها في الرياض، لتظهر اليوم انها معلقة على مشروع لا يعرف أحد إذا كان سينجح أو حتى يمكن البداية به عبر مؤتمر أنابولس.