بعيدا عن الهموم "الكبيرة .. الصغيرة" التي تحصد لحظات حياتي، هناك "الغيظ" الذي لا يشكل سوى سمة واحدة تراكمية أصبحت نوعا من الطبع "الأنثوي"، أو حتى "الشخصية" الأنثوية... فكما للرجل تجاعيد صارمة، أو محاولة بائسة لرسم قسوة وجدية على ملامح الوجه، فإن للأنثى "غيظ" يفشي سره "الحنق" و "الغضب".. وأحيانا الصراخ الذي يعلو.

ولكن لماذا الغيظ دون غيره؟!! وهل المسألة مجرد كلام يمكن أن نتركه على صفحات الإنترنيت حول طبائع النساء (بدلا من طبائع الاستبداد لعبد الرحم الكواكبي).. هذا الغيظ دون غيره يستفزني كأنثى لم أتخلص منه رغم قدرتي على التحكم، لكنه في غالب الأحيان ينفجر نحوي، فلا أعرف لماذا لا يصبح غيظا تجاه "جنس" آخر، أو نسفا لتاريخ جعل "الغيظ" المخرج الوحيد لكل المسافات السوداء التي سرت أو "سرن" بها!!

المنافسة الوحيدة الناجحة هي بين "الإناث"، فالذكور خارج المنافسة لأنهم الجنس الذي يتفرج على "الصراع"... أو ربما يرغب فيه لأنه يرضي كل الرغبات التي لم تشذب عبر الزمن، فعندما اكتشفت أن هناك "مصارعة" بين النساء ولكن في "الوحل"، عرفت أن هذا النوع من العراك المنتشر في أوروبا والولايات المتحدة، يجسد الغيظ والحنق، ورغم انه ليس من ترتيب الذكور، لكنه على الأقل يتخذ المظهر الذي يرضيهم.

"المصارعة في الوحل" لا تملك ناظما أو قوانين، وهي مليئة بالرغبات الجنسية، أو حتى بالإثارة التي تضم الجميع وهم يستمتعون بفوضى الاقتتال بين اثنتين يفرغن الغيظ بعنف، لكن النهاية واحدة لأن هذه المباراة لا تملك غالبا أو مغلوبا، وهي في النهاية صورة لما يتركه الغيظ من صراعات انثوية.

وفق نفس الصورة تتكرر حالات مشابهة ولكنها تبقى حوادث متفرقة لا يمكن تعميمها، بدء من "التآمر" في جرائم الشرف، وانتهاء بالنظرات التي تقدم الود لكنها مليئة بالمنافسة، ورغم أن الذكور يعيشون على التنافس لكنه على الأقل تنافس أكثر من واضح يحمل الغيظ والحنق المباشر فلا تصبح سحنات وجوههم أو نبرات أصواتهم أو حتى ردات أفعالهم تحمل على الدوام هذه السمة.

عندما نتخلص من "الغيظ" يكون تاريخ الإناث أنهى دورة واحدة نحو طبيعية العلاقات، فلا يصبح التنافس أنثويا، بل يحمل سمة المجتمع بدلا من أن يبقى محصورا في إطار "إن كيدهن عظيم".