يبدو نائب الرئيس للامريكي السابق والمرشح المهزوم في سباق الرئاسة الأمريكية عالقا في مأزق أخلاقي تتسبب به بلاده التي فشلت أن تكون على مستوى قوتها ومسؤليتها على المستوى الأخلاقي ،على الأقل هذا ما يظهر في فيلمه الوثائقي (حقيقة غير مقنعة) والحائز على جائزة الاوسكار ، وعلى التوازي مع كثير من التقاطعات في الشأن الأخلاقي يقدم مايكل مور صاحب فيلم 11/ 9 فيلمه الوثائقي أيضا (سيكو) والذي يرصد حالة الضمان الصحي في الولايات المتحدة الأميركية مقارنا بين قوتها وخدماتها لتبدو تلك البلاد مسحوبة الدسم أخلاقيا.

فيما يعيد آل غور بداية الانهيار الأخلاقي للولايات المتحدة الاميركية الى القاء القنبلة النووية الأولى على اليابان متسلسلا الى عدم التوقيع على معاهدة (كيوتو) تكون الكرة الأرضية قد دفعت ثمن اللامبالاة الا ميركية بحياة البشر في هذه الكرة وفي الولايات المتحدة بالذات، حيث يرصد الفيلم الحالة البيئية الكارثية للأرض بطريقة موثقة علميا واحصائيا ليبدو الموضوع ملحا سينمائيا وكذا اعلاميا خصوصا في مجال تحميل المسؤلية (متشاركا مع "زميله" مور) الأخلاقية للشركات العملاقة التي لا تريد ايقاف نشاطاتها المؤذية للبيئة كما انها تعارض الجهود التي تحاول معالجة هذا الأذى.

الفيلم مبني على مفارقة بصرية حيث الكميرات تجوب بحرفية عالية وجماليات تصوير فائقة تعوض عن البعد الروائي مناطق جليدية ساحرة ولكنها وياللأسف (كما يرمي الفيلم) تحمل بين جنباتها كارثة للبشرية ناتجة عن الدفيئة او ارتفاع درجة حرارة الأرض ، فآل غور لا يدق جرس انذار بيئي فحسب بل يذهب الى ابعد من ذلك بكثير متهما الأخلاق الرأسمالية بالاجرام في حق البشرية مشركا الادارة الاميركية بهذه الخطيئة القاتلة .

ام ( سيكو ) الفيلم الذي يتهم الشركات العملاقة ومن ورائها وأمامها الادارة الاميركية التي تعبر عن مصالح هذه الشركات (شركات الادوية والمواد الطبية تحديدا) والتي تتربح من المريض الاميركي مبالغ فوق خيالية، فعلى الرغم من الضرائب الباهظة وعلى الرغم من المقارنة مع الدول الاوربية التي نجحت في تعميم نظام صحي طبي في خدمة مجتمعاتها الا أن (السيستم) الاميركي مصر على مساومة مواطنه حتى على حياته ومستعد لسلبه اياها اذا لم يخضع وبتطرف لهذا السيستم ولذلك تقبع الولايات المتحدة وعلى الرغم من تقدمها العلمي الطبي في المرتبة 38في الخدمة الطبية الاجتماعية .

مرة أخرى يعيدنا مور كما آل غور الى مجتمع لم تتطور أخلاقه بما يناسب مسؤلياته الحضارية لدرجة أن جريح مصاب في اصبعين في يده يترك اصبعا للقطع ويعالج الآخر لأنه قادر على معالجة اصبع واحدة فقط .

انها سينما مختلفة تماما التي قدمها كل من السياسي آل غور و السنمائي مايكل مور ربما أضاءت المستوى الثقافي والمعرفي وحتى الحقوقي للمواطن الأميركي ... انها خليط من اعلام وجرأة وفن ..انها صورة العالم المرعبة كما تركبها الولايات المتحدة التي عاكست بقيمها كل ما انجزته البشرية من أخلاق .

فيلمين جديرين بالمشاهدة لأنهما يستطيعان أن يستحوذا على المشاهد وربما اثارة غضبه.