كررت إسرائيل في شكل لافت ترحيبها بمشاركة سورية في المؤتمر الدولي للسلام الذي تستضيفه مدينة أنابوليس الأميركية نهاية الشهر الجاري، متوقعة أن تعطي هذه المشاركة زخماً للعملية السياسية برمتها. وأكدت أركان الدولة العبرية من جديد أن المفاوضات الحقيقية حول قضايا الصراع ستبدأ بعد المؤتمر. واشترط وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك أن «تحارب السلطة الفلسطينية الإرهاب في غزة وتقتلع قواعده وفقاً للمنصوص عليه في خريطة الطريق» للتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين.

وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود أولمرت للصحافيين أمس عقب إطلاعه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز على آخر المستجدات السياسية، إنه يتوقع أن توجه الولايات المتحدة خلال أيام الدعوات لحضور «اللقاء الدولي». وأكد أن الموضوع المطروح على جدول الأعمال في أنابوليس هو «العلاقات بيننا وبين الفلسطينيين، وكون هذه العلاقات جزءاً من النسيج الكامل للعلاقات في الشرق الأوسط».

وأضاف أن إسرائيل معنية بأن تشارك سورية ودول عربية أخرى في المؤتمر، معتبراً مشاركة دمشق «الأمر الصحيح من وجهة نظرنا». وزاد أن الولايات المتحدة هي المضيفة وهي التي توجه الدعوات «وأفترض أنها ستوجه الدعوة إلى سورية ودول أخرى». وأعرب عن أمله في أن يشجع نجاح المفاوضات مع الفلسطينيين على عملية تفاوضية مماثلة مع سورية.

وجدد أولمرت تأكيده أن المفاوضات حول كل القضايا الجوهرية ستنطلق عقب مؤتمر أنابوليس «وسيكون التطبيق الفعلي لأي اتفاق وفقاً لخريطة الطريق». وقال إن الخريطة تلزم الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي سلسلة من الخطوات «ونحن مستعدون للوفاء بكل التزاماتنا من أجل التقدم إلى الأمام».

لكن وكالة «أسوشيتد برس» نقلت عن نائب رئيس الوزراء السوري عبدالله دردري أن بلاده ستقاطع مؤتمر أنابوليس، ما لم تكن إعادة الجولان المحتل على جدول أعماله. وقال دردي إن المشاركة السورية «تتطلب وضع قضية الجولان بوضوح على أجندة المؤتمر». لكنه أضاف أن دمشق لم تتلق أي دعوة رسمية للمؤتمر «وهذه الدعوات يجب أن تلحق بجدول أعمال واضح يشير إلى مناقشة قضية الجولان في الاجتماع».

إلى ذلك، نفى مكتب أولمرت أنباء عن نية واشنطن صوغ «البيان المشترك» المنوي طرحه على المؤتمر قريباً. وقال مستشاره الإعلامي إن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أكدت لرئيس الحكومة أن الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني هما اللذان سيبلوران هذا البيان من خلال المفاوضات الجارية بينهما.

وقال بيريز إنه يلمس أجواء ايجابية عشية لقاء أنابوليس الذي اعتبره «فرصة كبيرة». وأضاف أن تفاؤله لا يعني أن كل المشاكل ستجد حلاً لها في اللقاء الدولي «لكنني لمست من اتصالاتي بقادة عرب روح التفاؤل... وهذه بداية لا بأس بها أبداً وأفضل مما يمكن توقعه». وزاد أن الاتصالات الجارية تختلف عن تلك التي مهدت لاتفاقات أوسلو في العام 1983 «التي غابت عنها الولايات المتحدة... واليوم لا يلوي أحد ذراع إسرائيل ولا يلغي رغبتها في التوصل إلى سلام».

وأعلن وزير الدفاع أن إسرائيل مستعدة «للذهاب إلى أبعد حد» في أنابوليس، لكنه أضاف شرطاً للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين بأن «تحارب السلطة الفلسطينية البنية التحتية للإرهاب في قطاع غزة لأن القطاع يجب أن يكون جزءاً من أي اتفاق». وأضاف أنه «لن يكون ممكناً الذهاب إلى التسوية الدائمة مع رئيس السلطة الفلسطينية بينما غزة خارج الطلب الأساسي الإسرائيلي لوقف الإرهاب». وأضاف أن القطاع هو «جزء من المسؤولية الفلسطينية وواضح أن أي اتفاق جدي وحقيقي مع الفلسطينيين يجب أن يشمل القضاء على قواعد الإرهاب في غزة».

واعتبر باراك أمام لجنة الخارجية والأمن في البرلمان أمس أن «ثمة مكاناً لمشاركة سورية في المؤتمر وثمة إمكانية لإيجاد المعادلة الملائمة لإتاحة هذه المشاركة». وأضاف أنه يمكن لهذه المشاركة «في حال وجدنا الطريق الصحيح للتعامل باحترام مع سورية ومصالحها وقيادتها أن تؤدي في ظروف معينة إلى استئناف التفاوض مع سورية حين يحين الوقت، وهذا أمر بالغ الدلالة بالنسبة إلى إسرائيل».

وعن الوضع في غزة، عاود باراك التهديد بأنه في حال تواصل إطلاق النار وتهريب الوسائل القتالية من مصر «فستكون عملية عسكرية في نهاية الأمر». وزاد: «نقترب من عملية كهذه... وما يحصل في القطاع يقربنا يوماً بعد يوم إلى العمل العسكري الأوسع هناك، لكن يجب أن يتم ذلك بعد أن نكون درسنا وفحصنا واستنفدنا كل الإمكانات الأخرى العملياتية ومن كل النواحي». وأضاف أنه أكد لرئيس الحكومة الفلسطينية الدكتور سلام فياض أن الجيش الإسرائيلي سيواصل الاحتفاظ بحرية النشاط التام في المدن التي سمح بنشر عناصر الشرطة الفلسطينية فيها.

وشككت رئيسة الطاقم الإسرائيلي المفاوض وزيرة الخارجية تسيبي ليفني في جدوى الاتصالات مع الفلسطينيين، «بينما حضانات أطفال في إسرائيل تتعرض للنيران من قطاع غزة». وتساءلت: «هل هذا هو الوقت المناسب فعلاً للمفاوضات بينما الطرف الثاني ضعيف؟».

وطالبت ليفني الوزراء العرب المشاركين في مؤتمر الجوار المتوسطي الذي عقد في لشبونة أمس بدعم عملية التفاوض مع الفلسطينيين «من دون إملاء شروط وحلول». وقالت إن «المطلوب من العالم العربي حضور مؤتمر أنابوليس من دون شروط ودعم أي قرار يتخذه الفلسطينيون وأي تسوية يقرونها بدل إملاء النتيجة النهائية عليهم. لا تضعوا العربة أمام الحصان». وأضافت أن إسرائيل ستشرع في خطوات لبناء الثقة «ونتوقع منكم خطوات مماثلة لدعم الفلسطينيين البراغماتيين».

وأشارت إلى أن أحداً لا يتوقع أن يحل أنابوليس الصراع «والمفاوضات ستتواصل مباشرة بعد المؤتمر ومن دون وسطاء». وأضافت: «صحيح أن الحوار مع الفلسطينيين يجري اليوم لكن الطريق نحو إقامة الدولة الفلسطينية لا تزال متعلقة بالقدرة على تسليم المفتاح لجهة تتحلى بالمسؤولية وقادرة على بسط سيطرتها الميدانية». وأعربت أوساط قريبة من ليفني عن ارتياحها لما وصفته بأنه «تبني» أوروبا الموقف الإسرائيلي من أنابوليس. وقالت إن إسرائيل «حصلت على تقدير عال» من دول أوروبا لقاء استعدادها للتفاوض حول سبل حل الصراع.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)