لطخت تركيا تاريخها، أمس، عندما أصبحت اول بلد إسلامي يسمح للرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز بإلقاء خطاب امام برلمانها الذي يشغل النواب الاسلاميون المنتمون الى حزب العدالة والتنمية الحاكم، الغالبية الساحقة من مقاعده، في خطوة لم يعترض عليها سوى زعيم حزب تركي صغير قاطع الجلسة التي نقلت وقائعها على الهواء الى جمهور سبق أن احتج أكثر من مرة على سياسة اسرائيل وحروبها على لبنان وفلسطين.

وبدا ان الحكومة التركية سعت الى تمويه هذا الحدث من خلال دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى القاء خطاب مماثل في الجلسة البرلمانية نفسها، ورعاية توقيع اتفاق ثلاثي على إقامة منطقة صناعية مشتركة عند معبر ايريز الاسرائيلي مع قطاع غزة،

بديلة للمنطقة الصناعية التركية التي دمرتها إسرائيل في صيف العام الماضي في إحدى حملاتها العسكرية على القطاع.

وقال بيريز في خطابه الذي نقله التلفزيون على الهواء مباشرة، وصفق له النواب الاسلاميون إن اجتماع انابوليس «فرصة تاريخية ينبغي ألا تتحول إلى إخفاق تاريخي».

وأضاف بيريز، الذي كان يتحدث بالعبرية بحضور نظيره التركي عبد الله غول ورئيس الحكومة رجب طيب اردوغان، «أننا مصممون على الوصول إلى حل يقوم على دولتين لشعبينا، دولة فلسطينية للشعب الفلسطيني ودولة يهودية للشعب اليهودي»، معتبراً أن «السلام أولوية بالنسبة إلى الدولة العبرية».

وأشار بيريز، إلى انه يمكن لأنقرة أن تؤدي دورا مهما في إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حزب الله وحركة حماس.

وأكد عباس، من جهته، انه «تجب الاستفادة من هذه الفرصة الاستثنائية (انابوليس)، والاستخفاف بهذه الفرصة سيكون له عواقب وخيمة»، موضحا أن الاحتلال «لا يرتبط بأي دين أو رؤية إنسانية. إن أمنيتنا الصادقة هي إحراز هذا المؤتمر النجاح»، ومشددا على ضرورة أن يشمل أي حل لبنان والجولان السوري المحتل.

وكان رئيس حزب الوحدة الكبرى محسن يازجى أوغلو أعلن مقاطعته جلسة البرلمان، مطالباً بيريز أن يبدأ خطابه بالاعتذار للعالم كله عن الانتهاكات الإسرائيلية للقوانين الدولية وقتل النساء والأطفال والشيوخ في فلسطين ولبنان.

ووقع غول وعباس وبيريز، خلال اجتماع مشترك في إطار «منتدى أنقرة»، على اتفاق لإنشاء منطقة صناعية مشتركة في ايريز في الضفة الغربية.

وقال عباس إن إسرائيل ستنعم بالسلام إذا عقدت سلاما مع الفلسطينيين، وأنهت احتلال الأراضي العربية، موضحا «إذا حصل ذلك، فلن تقع أي حروب أخرى، وستنتهي العداوة وستعيش كافة شعوب المنطقة في امن واستقرار».

واعتبر بيريز، من جهته، عباس «صديقاً» و»رجل سلام»، معربا عن ارتياحه لان «الاتفاق سينشئ وضعا يستفيد منه الجميع». واعتبر أن الاتفاق يأتي في إطار مبدأ «اربح... اربح».