وضعت الصين المحاولات الأميركية لتطويق إيران دوليا، في وضع حرج امس، بعدما ضربت بعرض الحائط تحذيرات واشنطن لها من عرقلة قرار دولي ثالث يشدد العقوبات على طهران، وأطاحت باجتماع الدول الست المقرر عقده الاثنين المقبل لدراسة تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، الذي منح الإيرانيين فرصة الانتقال الى الموقع الهجومي في معركة الدفاع عن برنامجهم النووي.

في غضون ذلك، أعطت روسيا أوضح إشارة حتى الآن على أنها اقتربت من إرسال الوقود النووي لتشغيل محطة بوشهر النووية في ايران. وذكرت شركة «تي في إي إل» الروسية الحكومية لإنتاج الوقود النووي أن مفتشين من الوكالة الذرية سيبدأون في 26 الشهر الحالي وضع الأختام على الوقود النووي المتجه إلى محطة بوشهر، وهي خطوة رئيسية لشحن الوقود إلى المحطة.

وذكرت مصادر دبلوماسية أوروبية أن اجتماع الدول الست الذي كان مقررا الاثنين لدراسة تقرير البرادعي، ألغي بعدما انسحبت الصين منه. وأوضح مصدر دبلوماسي أوروبي «الصينيون يقولون إنهم لن يستطيعوا الالتزام بالموعد. الأمر متعلق بمصاعب حقيقية في السفر، لكن أيضا له صلة بالقضية الأوسع للعقوبات».

وقد أعرب دبلوماسيون في فيينا عن اعتقادهم بأن روسيا والصين ستنتهزان تقرير البرادعي الذي سجل حيزا إيجابيا كبيرا من قبل ايران، كمبرر لصرف النظر عن العقوبات. وقال دبلوماسي أوروبي «هناك خيبة أمل لدى الجانب الغربي بخصوص عدم وجود الشعور نفسه بالإلحاح لدى الصين وروسيا بخصوص ايران. وقد تزداد هذه المشكلة بسبب هذا التقرير».

غير أن تقرير البرادعي لن يكون وحده حجر الزاوية في مسألة اتخاذ قرار حول تشديد العقوبات على ايران. وقد أعلنت المتحدثة باسم منسق السياسة الخارجية الأوروبية خافيير سولانا، أن المسؤول الأوروبي سيقدم تقريره حول ايران بحلول نهاية تشرين الثاني، رغم أنه يمكنه حتى هذا الموعد الاجتماع مجددا بالمفاوضين الايرانيين.

وعقب إعلان تأجيل الاجتماع، قال الرئيس الأميركي جورج بوش إن الضغوط الدولية على ايران «يجب أن تزيد وستزيد». وذكرت وزارة الخارجية الألمانية أنها ستدرس احتمال اتخاذ إجراءات منفصلة عبر الاتحاد الأوروبي، فيما رأت وزارة الخارجية الفرنسية أن تقرير البرادعي يظهر «ازدياد نقاط الغموض».

ودعت إسرائيل القوى الدولية للضغط على إيران من أجل وقف برنامجها النووي. ووصف الوزير اليميني المتــطرف أفيغدور ليبرمان تقرير البرادعي بأنــه «غير مقبول»، واتهم المديــر العام للوكالة الذرية بالانحياز إلى إيران، قائلا «هذا دليل آخر على موقف البرادعي الأحادي الجانب والمؤيد لإيران».

كما رأى نائب وزير الخارجية الإسرائيلية مجلي وهبه، أن «هذا التقرير تحاشى عرض نيات نجاد التي تعلمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومديرها محمد البرادعي جيدا». وتابع «أي مهلة إضافية لإيران ستعطيها مزيدا من الوقت لتطوير قنبلة. البرادعي طمر رأسه في الرمال ويعرّض بذلك المنطقة والعالم لتهديد فعلي».

في طهران، حث الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد «الغرب على الاعتذار بشجاعة للأمة الإيرانية». وقال «إنهم يقولون أمورا غير مقبولة وغير صحيحة. وننصحهم بالكف عن ذلك»، مضيفا «حان الوقت لتصحح الحــكومة الأميركية موقفــها. لا نتوقــع اعتذارات كبيرة من جانبها، بل تبديلا في الموقف».

وقال نجاد لقناة «العربية» إن «أميركا اليوم غير قادرة على تنظيم ضربة عسكرية ضد إيران، لأسباب عديدة، إذ ليس هناك أرضية اقتصادية ولا سياسية ولا عسكرية» مضيفا أن الأميركيين «على يقين بأن رد الشعب الإيراني (على الهجوم) سوف يكون قاسيا وسيندمون عليه». وتابع «عمليا، هم لا يريدون توجيه ضربة الى إيران، وهم يروجون للتهويل ويمارسون الضغوط على البلدان الأعضاء في مجلس الأمن من اجل الخدعة والتهرب من المأزق الذي يعيشونه».

وتحدث الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي، عن تقرير «شامل ويحتوي على نقاط إيجابية كثيرة»، مشيداً بموقف الصين من الأزمة. كما قال مساعد رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية محمد سعيدي إن تقرير البرادعي «فريد ومهم وحاسم».

وشدد السفير الإيراني في موسكو غلام رضــا أنصاري، على أن طهران مستعدة للتــعاون في شكل أفضل مع الوكالة الذرية اذا سحب ملفها النووي من مجلس الأمن الدولي وأعــيد الى الوكالة. وتابع ان «التعاون مع الوكالة الذرية لا يطرح أي مشكلة لإيران وندرس كل إمكانات القيام به».

ورد المتحدث باسم وزارة الخارجيــة الأميركية شون ماكورماك على الدعــوة الايرانية لـ»الاعتذار» بالقول انه «على الحكومة الايرانية أن تعتذر الى شعبها عن حقيقة أنها قادته نحو العزلة. هذا هو الاعتذار الذي يجب أن يقدم من الحكومة الايرانية الى شعبها».