تحدث الموظف المهم في "الادارة" الاميركية المعنية بقضايا المنطقة وازماتها عن المملكة العربية السعودية وايران قال: "المشكلات بين المملكة العربية السعودية وايران الاسلامية لها اسباب عدة. منها امتلاك ايران السلاح النووي او بالأحرى سعيها الحثيث الى امتلاكه واضعاف ذلك الزعامة أو المرجعية السعودية وانتقال الزعامة العربية الى غير العرب. هذا امر يخاف منه الخليجيون ومعهم مصر وكل العرب. وما قد يساهم في ذلك هو محاولة ايران الناجحة ربما حتى الآن "تشليح" العرب قضية فلسطين وتبنيها اياها ومحاولة استعادة حقوق الشعب الفلسطيني التي رفض العرب على مدى عقود القيام بها. وهناك ايضا موضوع العراق والتدخل اليومي لايران فيه. وهناك ثالثا القضية السنية – الشيعية او الخلاف السني – الشيعي الذي يمكن ان ينطلق من العراق في حال تحوله حربا مذهبية او شبه حرب كهذه الى الداخل السعودي فيؤثر سلبا فيه وتحديدا في المنطقة الشرقية حيث يعيش السعوديون الشيعة". هل هناك خوف على الخليج العربي واستقراره؟ سألت، اجاب: "لا اعرف. لكن لا أرى ذلك على الاقل الآن. طبعا قد تبرز المشكلة السنية – الشيعية في السعودية من الناحية الاجتماعية. ومن شأن ذلك ان يرتب في حال تفاقمه اخطاراً ليس في السعودية وحدها بل ايضا في دول خليجية اخرى مثل الكويت والبحرين". ماذا تريد ايران من العراق وفيه؟ سألت. اجاب: "لا تريد عراقاً تمزقه حرب اهلية، وتحديداً بين السنة والشيعة لأن ذلك "يهلكها". فذلك يستنزفها كما يستنزف العرب. ويسمح لأميركا بأن تبقى نشطة وقوية وتاليا بأن تطبق استراتيجيتها العراقية لا بل العربية والايرانية معاً. ولا تريد ايران تقسيما للعراق. لكنها تريد عراقا ضعيفا لا يشكل خطرا عليها ويكون فيه للسنّة نفوذ ما تستطيع هي ان تستوعبه او ان تحتويه بواسطة الشيعة العراقيين اذا احتاجت الى ذلك او اذا رأت انه مرشح ليصير خطرا عليها".

ماذا عن العلاقة السعودية – الايرانية؟ سألت واضفت: هناك اتفاق بين الرياض وطهران على تجنب حرب اسلامية – اسلامية في لبنان واختلاف على كل شيء آخر. ما هو رأيك؟ اجاب: "لا ادري. لكن هناك اموراً كثيرة يختلفون عليها منها القيادة والزعامة كما قلت لك قبل قليل. ومنها العلاقة السعودية – السورية التي هي صعبة جدا في هذه المرحلة وسلبية جدا استنادا الى كل المعطيات والمعلومات المتوافرة. واسباب هاتين الصعوبة والسلبية كثيرة ومختلفة. منها عدم تقبّل سوريا حتى الآن المحكمة ذات الطابع الدولي المكلفة التحقيق في اغتيال الرئيس رفيق الحريري وربما عدم استعدادها لتقبّلها. ومنها المشروع السياسي لسوريا في لبنان والنفوذ الذي تمارسه فيه. اما من الناحية السورية فهناك غضب على السعودية لأنها اخرجتها من لبنان او ساهمت في ذلك على نحو جدي. وسوريا تعتبر لبنان خطرا وجوديا. عندما تتحدث مع السوريين او عندما يفتح احد معهم سيرة لبنان في اطار محادثات او مناقشات يتخللها الهدوء يغضبون جدا، ويبدأون بالقول لا نقبل كذا ونرفض كذا وسنفعل كذا. اما السعودية فان موضوعها ليس وجوديا الى هذا الحد بالنسبة الى سوريا او في نظرها. اعتقد ان السعودية لم تستطع ان تفهم الرئيس بشار الاسد. يُفترض انه شاب ومتعلم درس في بريطانيا ثم عاد الى بلاده فتسلم الحكم بعد وفاة والده قبل سنوات. لكن نظامه او بالاحرى النظام في بلاده قديم وجامد. وهو لا يستطيع ان يغيره ولا يعرف كيف يغيره. اقدم على سلسلة خطوات متناقضة داخلية وخارجية حيّرت السعوديين والعالم وأغضبتهم. قوي بشار داخل سوريا في السنتين الاخيرتين، استعمل الكرامة السورية وعزة النفس السورية والمصلحة السورية فصار الشعب معه ومع نظامه ربما". هذا طبيعي، قلت، لأنه انتهج سياسة معادية لأميركا واسرائيل. فردّ: "ليس ذلك فقط لقد بدا امام الشعب السوري وطنيا قوميا. اذا قابلت بضعة "بعثيين" سوريين يتكون عندك انطباع انهم جيل قديم وان نظامهم قديم وان حزبهم متداعٍ. لكن اذا اثرت معهم موضوعا اساسيا ومهما من الناحيتين الوطنية او القومية، واذا ادى ذلك الى اثارتهم فانهم يصبحون مستعدين للقتال".

ماذا عن سوريا وايران ولاسيما في ظل اصرار البعض على ان علاقتهما تحالف استراتيجي واصرار البعض على انه مجرد التقاء مصالح؟ اجاب: "ان علاقتهما مجرد التقاء مصالح في رأيي. ولكن في هذه الحال سوريا هي الأضعف". هل تستطيع سوريا في ضعفها الانفكاك او الانفصال عن ايران؟ سألت: اجاب الموظف الاميركي المهم نفسه: "نعم تستطيع ذلك رغم هذا الواقع الضعيف. لكن ما الذي ستحصل عليه في مقابل خطوة كهذه؟ هناك انعدام ثقة تام بين سوريا والمجتمع الدولي وتحديدا اميركا". ماذا عن ايران الداخل سألت. هناك اصلاحيون محافظون تناوبوا مرات عدة على السلطة. لم يتغير شيء. والآن حصلت استقالات وتعيينات بعضها يوحي بالرغبة في الاعتدال وبعضها الآخر ينفي وجود هذه الرغبة. هل كان لزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لطهران اخيرا دور ما في دفع التشدد الى الواجهة من جديد؟ هل دفع لاريجاني الذي يصفه الغرب بالمعتدل الى الاستقالة ام استقال لأنه يعدّ نفسه لانتخابات الرئاسة؟ اجاب: "لا اعرف. هناك نظريتان. واحدة تقول ان لاريجاني مرشح للرئاسة (ترشح سابقا ضد نجاد) ولذلك دُفع الى الاستقالة لحرمانه حظوظ الفوز. وأخرى تفيد انه استقال طوعا للاستعداد للمعركة الرئاسية التي لن تحسم قبل سنة ونصف سنة. لكن سؤالك في محله. لا ادري ماذا كان اثر زيارة بوتين لايران. واذا كان لها علاقة بذلك ام لا. لكن الجميع يعرفون ان روسيا ليست مع ايران قوة عسكرية نووية. وهي لم تخرق الاجماع الدولي ضد ايران هذه بوقوفها دائماً الى جانب عقوبات مجلس الامن عليها. فهل ستبقى ضمن هذا الاجماع ام ستتخلى عنه، لا ادري".

ما رأيك في اوضاع لبنان وهل انت متفائل بامكان امرار الاستحقاق الرئاسي فيه؟

بماذا اجاب الموظف الاميركي المهم في "الادارة" المعنية بقضايا المنطقة وأزماتها؟

ملاحظة:

ان معلومات مقال امس كانت نقلا عن "موظف" رفيع وليس عن مرجع رفيع، فاقتضى التصويب.

مصادر
النهار (لبنان)