تبدو مهمة مهرجان دمشق السينمائي في بلد مثل سوريا أكبر مما اعتادت عليه المهرجانات السينمائية في أصقاع العالم ، فهذا البلد الذي ماتت فيه صالات العرض سوف يبدو فيه مهرجان للسينما كنوع من الضحك المر ، حيث يتشكل مفترق منطقي حول ضرورة وجود المهرجان !!!

في الواقع هناك حاجة حقيقية لمهرجان سينمائي يتنكب أو يحاول على الأقل اخراج السينما من أزمتها / سباتها ، فالأقبال الجماهيري وأن كان من شرائح ثقافية واجتماعية محددة يعطي الأمل في امكانية توسيع القاعدة الجماهيرية لصالات العرض ، وحتى ولو لم يعط أي بارقة لكن المحاولة ضرورية وتستحق العناء ، لأنه من دون هذه المحاولة لا نستطيع الحكم .

ولكن المهرجان وعلى الرغم من مسؤوليته تجاه السينما اذا لم نقل تجاه المجتمع ، أغفل وكعادته مناقشة هذه الأزمة ..أزمة العلاقة المقطوعة بين الناس والصالة ، وهي أزمة تحتاج الى مناقشة صريحة كما انها تحتاج الى جرأة ومبادرة ، فالسينما ضرورية للثقافة المجتمعية خصوصا وهي تواجه تيارات تتفهها أو تؤثمها أو تجعل منها سقط متاع لا يقدم ولا يؤخر ، حيث تبدو أزمتنا الاجتماعية المتشعبة جدا هي أزمة مع الثقافة ومع العصر ، لنقع بين فكي كماشة الجهل الحضاري .

من هنا تبدو مهمة المهرجان أكبر من احتفالية ( مع التأكيد على قيمتها كأحتفالية ) عابرة أو دورية لأن عليه ابداع أو اختراع الادوات اللآزمة والاساليب الناجعة لزيادة فرص عودة المجتمع الى الصالات ، ليس كنشاط ثقافي نخبوي بل كنزهة ممتعة تجعل الناس يعيشون عصرهم ، أي يخرجون من المنزل ويحتكون بالناس والمجتمع بدل الانزواء وراء شاشة التلفزيون التي تبدأ حديثا لا ينتهي .

ربما كان على المهرجان عقد مؤتمر ، أو تلقي دراسات في هذا الشأن كان قد كلف بها باحثين اجتماعيين او اقتصاديين أو حتى شركات تسويق واعلان ، فغياب صالة السينما مسألة خطيرة تستحق أن تبحث بعد هذه الفترة من السبات .