بعد التقدم بخطوات متسارعة باتجاه بناء الذرائع الجديدة ضد سوريا، وتحديداً فيما يتعلق بسيناريو "البرنامج النووي" المزعوم، بدأت العقبات تظهر أمام محور تل أبيب – واشنطن، وهذه المرة ليس بسبب المصاعب، وإنما بسبب المخاطر التي يمكن أن تترتب على المضي قدماً في عملية بناء الذرائع.

* التطورات الجديدة:

نشر موقع روستوري الإلكتروني الأمريكي تقريراً إخبارياً حول آخر المستجدات على الجانب الإسرائيلي – الأمريكي إزاء ملف البرنامج النووي السوري المزعوم، وتشير هذه المستجدات إلى الآتي:

• أصبحت جهود وكالة الطاقة الذرية تواجه الكثير من المصاعب والعراقيل إزاء القيام بإجراءات التحري والتحقيق في مزاعم ملف البرنامج النووي المزعوم، والسبب في ذلك (كما تقول الصحيفة الأمريكية) ليس سوريا، وإنما هو عدم تعاون إسرائيل وأمريكا مع الوكالة.

• صرح مصدر دبلوماسي وثيق الصلة بوكالة الطاقة الذرية العالمية للصحيفة بأن الوكالة تقدمت بطلب إلى إسرائيل وأمريكا تستفسر فيه عن الأدلة على وجود مفاعل نووي سوري، كانت وسائل الإعلام قد أشارت إليه، ولكن تبين أن كل المعلومات التي تم نشرها بهذا الخصوص منسوبة إلى مصدر رفض ذكر اسمه، الأمر الذي أثار شكوك الخبراء بأن تكون قصة المفاعل النووي السوري هي مجرد تبرير لإسرائيل لكي تقوم بشن الغارة الجوية ضد سوريا في صبيحة 16 أيلول الماضي.

• تفحص خبراء وكالة الطاقة الذرية العالمية الصور التي تم الحصول عليها بواسطة بعض القنوات الخاصة، وقد تبين لهم عدم وجود أي دليل يدعم المزاعم الأمريكية والإسرائيلية القائلة بوجود مفاعل نووي في سوريا في مرحلة الإنشاء المبكر.

• صرح مصدر آخر وثيق الصلة بوكالة الطاقة الذرية للصحيفة مؤكداً بأن جميع الصور الفضائية التي تم نشرها تنفي تماماً أن يكون ما استهدفته الطائرات الإسرائيلية هو مفاعل نووي، وذلك بدليل عدم وجود السور الواقي الذي يستخدم عادة في تأمين المفاعلات النووية.

• أشار بعض خبراء وكالة الطاقة الذرية إلى أن المنشأة التي تم الحديث عنها، والواقعة بين مدينتي حماه ودير الزور السوريتين، يمكن أن تكون مجرد معمل أو ورشة لتعدين الخفاف (صقل الزجاج البركاني الخفيف) المنتشرة في المنطقة.

• المصدران الرئيسيان اللذان اتصلت بهما الصحيفة الأمريكية، أكدا على عدم إمكانية قيام وكالة الطاقة الذرية العالمية بأي عملية تفتيش في سوريا إلا إذا تعاونت مع الوكالة إسرائيل وأمريكا عن طريق تقديم الأدلة والبراهين ذات الصلة والمصداقية.

• لاحظت الصحيفة الأمريكية أن الناطق الرسمي باسم وكالة الطاقة الذرية لم يعلق حتى الآن على استفسارات الصحيفة إيجاباً أو سلباً.

* الجانب غير المعلن في الغارة الإسرائيلية ضد سوريا:

المعلومات المتاحة حتى الآن حول الغارة الإسرائيلية وملابساتها وتقاطعاتها مع الملفات الشرق أوسطية الأخرى، ما تزال شحيحة، وهناك عملية تعتيم متعمدة ومقصودة يقوم بها الموساد الإسرائيلي ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وحتى الآن ما تزال توجد الكثير من "الفراغات" المظلمة في سيناريو الغارة، وبرغم ذلك فقد برزت بعض المعلومات الجديدة:

• صحيفة الغارديان البريطانية: أوردت تحليلاتها وأخبارها النقاط الآتية الجديرة بالملاحظة:

* إن الطائرات الإسرائيلية دخلت المجال الجوي السوري عبر الأجواء التركية.

* عدد الطائرات كان ثمانية، بعضها من طراز إف-15 وبعضها الآخر من طراز إف-16.

* إن الطائرات الإسرائيلية كانت مزودة بصواريخ مافيريك وقنابل زنة 500 رطل.

* بالتزامن مع حركة الطائرات الإسرائيلية، كانت تحلق على ارتفاع شاهق طائرة إيلينت المخصصة لأغراض التجسس الإلكتروني وجمع المعلومات الاستخبارية الإلكترونية، مثل ذبذبات وموجات الرادار وأجهزة اللاسلكي وما شابه ذلك.

• صحيفة روستوري الإلكترونية الأمريكية: أوردت شهادة الخبير الأمريكي فنسنت كاريسنزارو، مدير البرامج الاستخبارية بمجلس الأمن القومي خلال فترة إدارة ريغان ورئيس العمليات في مركز مكافحة الإرهاب التابع لوكالة المخابرات المركزية الأمريكي خلال إدارة الرئيس جورج بوش الأب، أكد في شهادته أن ما قامت الغارة الإسرائيلية باستهدافه في سوريا صبيحة يوم 6 أيلول الماضي ليس منشأة نووية على الإطلاق.

• أكد بعض خبراء المخابرات الأمريكية المتخصصين بجمع وتحليل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالمنشآت النووية، عدم عثورهم على أي "بصمات" إشعاعية عندما قاموا بتحليل الصور الفضائية التي تم التقاطها للموقع الذي استهدفته الطائرات الإسرائيلية داخل سوريا، وأكد هؤلاء الخبراء بأن عدم وجود هذا النوع من البصمات الإشعاعية معناه عدم وجود يوارنيوم أو بلوتونيوم في المكان.

• أكد بعض الخبراء أن مواصفات المنشأة التي تم استهدافها لا تتطابق مع المواصفات القياسية المتعارف عليها دولياً بين خبراء الطاقة النووية، باعتبار المواصفات التي إن وجدت في منشأة ما فإن هذه المنشأة لا بد أن تكون بالضرورة منشأة نووية أو لها علاقة بالأنشطة النووية.

• شهادة لورانس ويلكرسون، خبير وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون عدم انتشار الأسلحة النووية خلال فترة إدارة الرئيس بوش الأولى، التي تقول بأن كل ما تم نشره وسرده حول موضوع البرنامج النووي السوري لا علاقة له لا بالأسلحة النووية ولا بالقنبلة النووية، وأضاف قائلاً بأنه يعتقد أن جون بولتون وإيليوت إبراهام وبقية المجموعة يحاولون الترويج لكذبة جديدة مرة أخرى.

عموماً، يخلص تقرير صحيفة روستوري الإلكترونية الأمريكية، إلى أن الفرصة باتت ضئيلة للغاية (إن لم تكن معدومة) أمام إسرائيل وأمريكا للمضي قدماً في مزاعم بناء الذرائع الجديدة ضد سوريا عن طريق بذل الجهود الهادفة إلى بناء فرضية وجود الملف النووي السوري.