بدأ مساء امس قادة الدول الاعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط "اوبيك" في الرياض قمة نادرة هي الثالثة منذ تأسيس المنظمة قبل 47 سنة، في ظل ارتفاع قياسي لاسعار النفط الخام وخلاف بين الاعضاء في شأن الموقف من سعر صرف الدولار الضعيف الذي يقضم عائدات المجموعة.

وشددت مسودة الاعلان الختامي التي تسربت قبل اختتام القمة اليوم على ان المنظمة ستدعم مكافحة ارتفاع درجة حرارة الارض وتؤكد التزامها أسعار نفط "مستقرة وتنافسية".

ورأس العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز اجتماع القمة واعطى الكلمة الاولى للرئيس السابق للقمة الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الذي حذر من ان سعر برميل النفط قد يصل الى مئتي دولار اذا هاجمت الولايات المتحدة ايران او فنزويلا. وقال :"اذا كانت الولايات المتحدة مجنونة بما يكفي لتهاجم ايران او تعتدي على فنزويلا مجددا فان اسعار النفط قد تصل الى 150 دولاراً وربما الى 200 دولار". واضاف: "ان اساس كل الاعتداءات هو النفط. انه السبب المضمر"، مشيرا خصوصا الى الحرب في العراق والتهديدات الاميركية لايران. وشدد على "ان اوبيك تقف قوية اليوم. تقف اقوى من اي وقت مضى" وعليها ان "تكرس نفسها لاعبا جيوسياسيا مهما".

الى ذلك، دعا تشافيز، وهو واحد من أشد المناهضين لواشنطن، الدول الاعضاء الـ12 في المنظمة الى "الطلب من اقوى امة في العالم ان تتوقف عن تهديد اوبيك" في اشارة الى الولايات المتحدة. كما دعا الى ان تكون "أوبيك" أكبر داعم ضد الفقر في أميركا وآسيا وأفريقيا، وقال: "عليها أن تواجه وان تكون في الطليعة اقتصاديا". واقترح "إنشاء مصرف لـ"أوبيك لكي تضع فيه مواردها اذا كنا نريد أن نساعد بلداننا والبلدان الأخرى". كما حض المنظمة على البحث عن بدائل من الطاقة، وقال إن المنظمة "تستطيع أن تبحث عن بديل من الطاقة وعن الدراسات".

الملك عبد الله

ومن جهته، رأى العاهل السعودي الذي يقود اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، ان النفط يجب الا يتحول "وسيلة للنزاع". وقال: "ان البترول طاقة للبناء والعمران ولا يجب ان يتحول وسيلة للنزاع"، في اشارة الى الصراع العالمي على منابع الذهب الاسود، اهم مصدر طاقة متوافر حاليا في العالم.

واضاف: "ان الذين يريدون اوبيك منظمة استغلالية يتجاهلون حقيقة انها كانت تتصرف دوما من منطلق الاعتدال والحكمة، ولعل خير دليل على ذلك هو ان السعر الحقيقي الحالي للبترول اذا اخذنا في الاعتبار مستوى التضخم، لم يصل الى سعره في مطلع الثمانينات من القرن الماضي". واشار الى ان السعودية ستخصص 300 مليون دولار لاجراء بحوث بيئية بهدف خفض انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الارض.

مسودة البيان

ووفقا لنص مسودة البيان الختامي الذي قرأه لوكالة "رويترز" مندوب في "اوبيك" في اتصال هاتفي، فان المنظمة تشارك المجتمع الدولي مخاوفه من ان التغير المناخي يمثل تحديا طويل الاجل. وجاء في النص ان "اوبيك" تسعى ايضا من اجل استقرار اسواق الطاقة العالمية.

واوضح الامين العام للمنظمة عبد الله البدري الاسبوع الماضي ان المنظمة ستكون مستعدة للاضطلاع بدورها في تطوير تكنولوجيا لامتصاص الكربون وتخزينه للمساعدة في تقليل الانبعاثات في الهواء.

لكن مندوب "اوبيك" قال ان مسودة البيان الختامي لم تشر الى صندوق بيئي مع الدول المستهلكة ستساهم فيه المنظمة.

وفي مشروع البيان الذي اتفق عليه خلال اجتماع مغلق لوزراء النفط والمال والخارجية لدول "اوبيك" الجمعة، اصدرت المنظمة ايضا تحذيرا في شأن علاقات المستهلكين والمنتجين. وقال المندوب ان البيان قال ان الاجراءات او التشريعات التي تقوض روح تعاون المنتجين والمستهلكين ستعرض للخطر استقرار الاسواق وامن الطاقة.

واعترضت السعودية على محاولة من جانب ايران وفنزويلا لالقاء الضوء على القلق في شأن ضعف الدولار في البيان الختامي للقمة وصوتت المنظمة على استبعاد الاقتراح من البيان.

وتأتي قمة الرياض في الوقت الذي تتعرض المنظمة لضغوط كبيرة لزيادة انتاجها من اجل تهدئة الاسعار التي كادت تصل الى مئة دولار البرميل في الاسبوع الماضي وتتقلب حاليا فوق عتبة التسعين دولارا.

وافاد وزراء النفط في المنظمة ان الاجتماعات الوزارية في الرياض التي بدأت الخميس والقمة التي تستمر اليوم، لن تصدر اي قرار بزيادة الانتاج، معتبرين ان قراراً من هذا النوع غير ضروري وان العوامل التي تتسبب بارتفاع الاسعار هي خارج سيطرة المنظمة التي تؤمن اربعين في المئة من النفط في العالم. الا ان قرارا نهائيا في هذا الشأن قد يتخذ في اللقاء الوزاري للمجموعة التي تضم 12 عضوا، في الخامس من كانون الاول في ابو ظبي.

ويفترض ان تنضم الاكوادور مجددا الى المجموعة التي انسحبت منها في 1992 بسبب عدم رغبتها في الالتزام بنظام الحصص الانتاجية. وحضر رئيسها رافاييل كورييا الى الرياض لهذه الغاية. كما حضر الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد وغالبية زعماء الدول الاعضاء. وكان الغائب الابرز الزعيم الليبي معمر القذافي الذي توترت علاقاته مع العاهل السعودي منذ سنوات.

وفرضت في العاصمة السعودية تدابير امنية مشددة جدا. ومنح سكان الرياض الذين تفرض اصلاً في مدينتهم تدابير مشددة منذ سلسلة الاعتداءات التي نفذها تنظيم "القاعدة" اعتبارا من 2003، يومي فرصة اضافيين السبت والاحد لمناسبة القمة. وغادر قسم من السكان الى المناطق السعودية الاخرى ولاسيما الى المنطقة الشرقية والبحرين.