في اول مقابلة حصرية مع الرئيس السوري بشار الاسد مع شبكة التلفزة الاميركية وجهت له المحاورة كريستيان أمانبور في بداية اللقاء هذا السؤال «الولايات المتحدة غاضبة جداً منكم ومن حكومتكم وتتهمكم بتسهيل عمل وتقديم ملاذ آمن للمتمردين في العراق ماذا ستفعلون لوقف كل هذا؟ ولوقف المتمردين من العبور إلى العراق؟» وعندما ذكرها الرئيس الاسد بأن الولايات المتحدة بقدراتها الكبيرة لا تستطيع غلق حدودها مع المكسيك عادت بأسلوب المحقق لتقول له ماذا يفعل وكيف تريده هي شخصيا ان يتصرف «كل الناس الذين تحدثت إليهم، بمن في ذلك القادة العسكريون على الأرض، قالوا إن معظم المتمردين الأجانب أو العراقيين يدخلون إلى العراق عبر سوريا. لماذا لا تستطيع قواتكم التفتيش من بيت إلى بيت؟ لماذا لا تستطيع وقف كل هذه العمليات وإقفال الحدود نهائياً؟».

في تلك الفترة كان الجميع يعلم ان العالم الاميركي كان متواطئا حتى النخاع في «المؤامرة الكبرى» -واعذروني على استخدام كلمة مؤامرة فما عدت آبه لم يبخسون هذه النظرية حقها - وهذه المؤامرة تتعلق بدعاة نظرية القرن الاميركي وهم المحافظون الجدد الذي دمروا العراق وكانوا على وشك غزو دمشق وهكذا فلم يكن من المستغرب ان يلجأ الاعلام الى خدمة اغراض واكاذيب المحافظين وعنجهية الادراة حينها ولا أن تقوم هذه الاعلامية بمواجهة الرئيس بطريقة مستفزة بسؤالها التحذيري «تعلمون أن هناك الكثير من الحديث عن تغيير النظام في سوريا على يد الولايات المتحدة. إنهم يبحثون بنشاط عن قائد سوري جديد. يمنحون يتحدثون عن عزلكم دبلوماسياً وربما إحداث انقلاب أو انهيار النظام» .. واوردت المحاورة تصريحا لوزيرة الخارجية الاميركية يقول إذا لم يحدث تغيير النظام فليكن تغيير السلوك لشخصيات»ولم يدر الرئيس الاسد كيف يكتم غيظه وهو يواجه بتهديدات اميركية صريحة في وجهه على شكل اسئلة صحفية بريئة .

عندما اشتد عود المقاومة العراقية وانكشف زيف ادعاءات وجود اسلحة الدمار لم يجد الاعلام الاميركي بدا من دخول لعبة كشف الحقائق واعتذرت بعض وسائل الاعلام وحفاظا على ما بقي من ماء الوجه عن انخراطها غير المسؤول في ترويج اكاذيب ادارة المحافظين الجدد الذين اختنقت نظريتهم وبدأوا يتساقطون ولكن يبدو ان الاعلام مازال في ذات اللعبة بشكل غريب ويمارس الملكية الاميركية اكثر من ملوكها المحافظين. فبعد اكثر من عامين من مقابلة الـ cnn مع الرئيس بشار الاسد عادت محطة تليفزيون CBS الأميركية لتجري مقابلة أخرى بثتها مؤخرا وأجرت اللقاء الإعلامية الأميركية كيت كوريك ولن تفاجأوا ابدا بالسؤال الاول الذي وجهته للرئيس لانه لم يتغير منذ اكثر من عامين وهو «يقول مسؤولون أميركيون إن ثمانين بالمائة من مقاتلي القاعدة في العراق دخلوا من سوريا بمعدل 60 إلى 80 شخصاً شهرياً، ماذا فعلتم للحد من هذه المشكلة؟ وهنا كان علي ان اتساءل: هل يوجه الاعلام الاميركي المحافظين الجدد الذين يفترض انهم تراجعوا وفشل مشروعهم ام ان هذا الاعلام هو المسؤول عن خلق المحافظين الى ما لا نهاية؟.

مصادر
الوطن (قطر)