أبواب أنابوليس لا تزال مغلقة، وبات المؤتمر ورطة أميركية ــــ فلسطينية لا مفر من السقوط فيها، ولا سيما أن مساحة الوقت لا تنفك تضيق، والحائط المسدود يتربص بالمفاوضات الثنائية الفلسطينية ــــــ الإسرائيلية عند مفترق «البيان الثنائي» الذي أقرّ رئيس الطاقم التفاوضي للسلطة أحمد قريع بأنه لن يكون هناك واحد ليعرض على المؤتمر الدولي.

طوق النجاة الأميركي من فشل جديد يضاف إلى سجل حكم الرئيس جورج بوش بات معلقاً بإمكان استدراج دمشق إلى المؤتمر الدولي، سواء عبر وعود التطرق إلى قضية الجولان السوري المحتل، أو عبر الوعود بتخصيص مؤتمر مكمّل للمسار السوري ـــــ الإسرائيلي.

«الهجمة الدبلوماسية» الأخيرة على دمشق، تنبئ بتغيير استراتيجي في النظرة الأميركية إلى الخطة السلمية في المنطقة، لجهة الإقرار بأن سوريا باتت لاعباً لا غنى عنه في المنطقة، سواء على مسار مفاوضات السلام أو أزمة العراق أو الوضع في لبنان.

الزيارة المفاجئة للملك الأردني عبد الله الثاني لسوريا تندرج في إطار محاولات جذب دمشق الذي بات هدفاً إسرائيلياً أيضاً في ظل غياب أي أمل في التوصل إلى الحدّ الأدنى من التفاهم مع السلطة الفلسطينية، وخصوصاً أن مسؤولي الدولة العبرية يروّجون لـ«ثمن معروف ونتائج مهمة» في التفاوض مع سوريا.

وتدرك الإدارة الأميركية، وخصوصاً وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، أن حصر المؤتمر بالصراع الفلسطيني ــــ الإسرائيلي لن يحقّق هدف واشنطن من الدعوة إلى المؤتمر، بعدما اتضح أن إمكان التوصّل إلى حلّ شامل يرضي الطرف الفلسطيني ويقنع الأطراف العربية بالمشاركة ليس بالسهولة التي تتصورها واشنطن.

والإدارة الأميركية تصوّب، منذ إعلانها المؤتمر، على جمع ما تيسّر من الدول التي لا تعترف بإسرائيل، لإعلان خطوة تقدّم تطبيعية على مسار الشرق الأوسط. فحضور الأردن ومصر، وحتى المغرب وتونس وقطر، لهذا المؤتمر لن يكون مفيداً للصورة السياسية الأميركية في الشرق الأوسط في المرحلة الحالية، ولن يحقق المبتغى الأساسي، وخصوصاً أن الفلسطينيين والإسرائيليين ما عاد بإمكانهم التراجع عن المشاركة، حتى لو لم يخرج اللقاء بأكثر من بيان «رفع عتب».

فاستراتيجيا الإدارة الأميركية كانت دائماً تسعى لوضع عربة التطبيع أمام حصان التسوية. وجعلت من التطبيع شرطاً مسبقاً في أي مفاوضات سلام، إلا أنها بإعلان المؤتمر من اللحظة الأولى اعتمدت على وضع العربة والحصان على خط واحد، لكن هذا التغيير أيضاً لن يغري الدول المستهدفة، إذا لم تكن سوريا في مقدمة المؤتمرين في أنابوليس، وهو ما سيكون محفزاً أساسياً لحضور الأطراف العربية كافة.

«الضرورة السورية» هي اليوم محور التحرك الأميركي بالوكالة، الذي يقوده أكثر من طرف دولي وإقليمي، لتوفير «ضمانات الحد الأدنى» التي تقنع دمشق بإنقاذ «أنابوليس».