في مجموعة الكاتبة السعودية هدى المعجل التي حملت اسم "التابو" أو المحظور.. قصص قصيرة وقصص قصيرة جدا وأجواء ذكريات تطل احيانا في أشكال أقرب الى الكوابيس.

واذا كانت الرسالة تقرأ احيانا من عنوانها وهو هنا عن المحرم والممنوع فان "التفاصيل" أي قصص هدى المعجل.. وإن بدا القصير جدا منها أقرب إلى صورة جانبية أو لوحة أكثر شمولا من ذلك. وهي على قصرها تبرز تركيزا على أوضاع المرأة التي تجعل منها غالبا أسيرة مقيدة الحرية وتعاني حرمانا من الناحية العاطفية.

وقد صدرت مجموعة هدى المعجل عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في 96 صفحة متوسطة القطع وبلوحة غلاف هي رسم للفنان السوري بشار العيسى. اشتملت المجموعة على 38 قصة منها عشر قصص قصيرة "عادية" و28 قصة راوحت الواحدة منها بين ثلاثة اسطر وبين سبعة او ثمانية.

أجواء الذكريات الكامنة والاحلام والكوابيس التي تنطق بالظلم اللاحق بالمرأة تطل علينا مباشرة من القصة الاولى التي حملت اسم بطلتها "أروى" وبوصف يبرز قدرة تصويرية تجعل من الواقعي صورة كابوسية ترتفع فوق الواقعي لكنها في غرابتها المكتسبة تبقى تعبر عن الواقع الرهيب الذي قد يكون هو نفسه كابوسيا.

تبدأ القصة على الصورة التالية :

"اعترض دربي.. فسلكت دربا شائكا .. متعرجا لاصبح بمنأى عن تلصص عينيه الجاحظتين.. وبطش يديه المرتجفتين.. العاريتين الا من قفازين تمزقا عن مخالب معقوفة الى الاسفل.. تكسر بعضها وتشبث بالحياة بعضها الاخر... وقدماي تواصلان الركض فرارا منه. احسست باجهاد فلجأت الى شجرة وارفة الظلال قريبة مني.. خلعت معطفي وفرشته.. ثم اضطجعت عليه متخذة من ذراعي اليمنى مخدة تقي وجنتي خشونة الارض.. ورحت في نوم عميق.. ليجدها فرصة ذلك الذي اعترض دربي ويهوي بفأسه على جمجمتي فتنكسر الفأس قبل أن تلامس جمجمتي... فأفر هاربة منه من جديد.. لاصطدم بطفلة تشبهني ممتلئة البنية بضفيرة طويلة انسدلت خلفها تطارد دجاجة ينز الدم من مؤخرتها فوقفت أتأمل الطفلة والدجاجة ونسيت الرجل."

وتتحدث عن وفاة والدتها وإسراع والدها الى الزواج من صديقة الوالدة الراحلة: "ليلة زواجه بها لفت انتباهي رجل ملتصق بها رث الثياب.. قصير القامة.. مترهل الجسم.. تفصح ابتسامته الباردة عن اسنان شوهتها السجائر.. كان برونزي اللون يلتقي مع زوجة أبي هذه في لون بشرتها وجحوظ عينيها. عرفت فيما بعد انه اخوها.. وكان كثير التردد على منزلنا.. يحاول التقرب من والدي.. وعرض خدماته عليه.. وكنت قلقة من ذلك لاحساسي بأنه وزوجة أبي يرتبان لامر ما.. كما غفوت على سريري رأيته معترضا دربي فأسلك دربا آخر... شائكا متعرجا.. لاصبح بمنأى عنه."

في بعض القصص القصيرة جدا أجواء منها ما هو غرائبي وما هو رمزي. تحت عنوان هو "في حضرة الحلم" نقرأ "ليلة أوبتي من السفر بحثت في خزانة اروابي عن قميص لي زهري اللون ارتديه في كل ليلة في حضرة " الحلم" فلم اجده. ساقت الي الذاكرة قصة حرق الخادمة إياه أثناء وجودي في القاهرة كما روتها لي امي.. اغلقت الخزانة وارسلت في طلب القميص المحروق."

وفي قصة "لقيط" نقرأ قصة قصيرة جدا أخرى إذ تقول:

"دهم رجال الهيئة استراحة كانت تقام فيها أعراس المثلية. أودع المقبوض عليهم السجن. أرسلت المباحث الجنائية في طلب ابائهم فكان الرد "جميعهم لقطاء".

في قصة "السطح" تقول الكاتبة :

"قصر جدار السطح لم يحرضه على التحرش بابنة جارهم كلما شاهدها وهي تستذكر دروسها او وهي تطعم الحمام عن اخيها كان كل ما يدور في ذهنه في تلك اللحظة من اول من بنى منزله..والدي.. ام الجار.. "

في "الخادمة" قصة التحكم الذكوري في اختصار ومباشرة. نقرأ ما قالته الكاتبة:

"كنت من هواة جمع الطوابع.. وكانت الخادمة تنزع الطابع البريدي لي قبل ان تفض رسائل زوجها اليها إلى أن اكتشفت انها لم تكن سوى رسائل زوجي الذي افتض خاتمها هناك واستقدمها زوجة ثانية له تحت اسم خادمة."

في "الفخ" نقرأ وضعا آخر. تقول:

"نظر إليها من كوة في صدر الجدار الطيني. سلب قواه جمالها الآسر.. تناسق جسدها وطولها الفارع. اقترب من الكوة اكثر فوقع في الفخ."