هل ستقبل اسرائيل والولايات المتحدة التجاوب مع المطلب السوري ادراج موضوع الجولان على جدول أعمال مؤتمر أنابوليس بعد تراجعهما عن الموقف الرافض دعوة سوريا؟ وما مدى صحة ما تحدثت عنه التقارير الاسرائيلية الأخيرة عن عرض سوريا وقف معارضتها اجراء انتخابات لرئيس جديد للجمهورية في لبنان مقابل مشاركتها في المؤتمر ضمن الشرط الذي وضعته؟
وهل التقارب مع سوريا من جانب بعض الدول العربية كما عكسته القمة الأردنية – السورية الأخيرة المفاجئة هو انعكاس لتوجه عربي مختلف عن السابق من جانب الدول العربية المعتدلة الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة تجاه سوريا له أهداف استراتيجية بعيدة المدى، أم هو مجرد تكتيك ظرفي يهدف الى منع سوريا من عرقلة انعقاد المؤتمر وزعزعة الاستقرار في لبنان؟
وهل ستنجح المساعي العربية والأوروبية في الالتفاف على المعارضة الايرانية الواضحة لمؤتمر أنابوليس الذي كما وصفه الرئيس الايراني أحمدي نجاد يهدف الى"ربط العرب بالكيان الصهيوني"، وذلك عبر اقناع سوريا بأن مصلحتها تقتضي غير ذلك؟
كل ذلك يظهر امراً أساسياً هو تحول مؤتمر أنابوليس من مجرد اطار لفتح الحوار بين الفلسطينيين والاسرائيليين بشأن التسوية النهائية للنزاع بينهما الى ما هو أوسع وأكبر من ذلك بكثير، في حال نجحت المساعي في تأمين مشاركة عربية عالية المستوى تضم دولاً عربية اساسية مثل السعودية ومصر وأيضاً سوريا. وهنا للمرة الأولى يستطيع الزعماء العرب اختبار ما يردده المسؤولون السوريون بأن سوريا ليست جزءاً من المشكلة وانما هي جزء من الحل ايضاً. وسواء شاء الأميركيون او الاسرائيليون أم أبوا فقد أتاح التحضير العربي لمؤتمر أنابوليس نشوء دينامية عربية جديدة تجاه سوريا في حال نجحت من شأنها ان تسمح لسوريا الخروج من عزلتها العربية والدولية التي تعاني منها منذ حادثة اغتيال رئيس الحكومة البنانية رفيق الحريري، والتي فاقمتها حرب تموز الأخيرة.
واذا كانت التحضيرات لمؤتمر أنابوليس حفزت مسارات سياسية على الصعيد العربي، فإنها لم تنجح حتى الآن في تبديد الشكوك والمخاوف الاسرائيلية الكثيرة من احتمال فشل المؤتمر. ورغم الحملة الرسمية التي تخوضها الأجهزة الرسمية من اجل تسويق افكارها الى المؤتمر او المقالات الصحافية من انتماءات مختلفة وكلها تصور اعتراف الفلسطينيين بيهودية دولة اسرائيل كأهم انجاز سياسي للدولة العبرية لأن معناه وأد حق العودة ودفنه الى الأبد؛ ما زال عدد كبير من الاسرائيليين غير مقتنع بأن أولمرت وطاقمه قادرون على القيام بالمهمة. ففي رأي عدد من المعلقين المعروفين بتحفظهم ان تسرع أولمرت في طرح شرط الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل يشبه تسرّعه في خوض حرب لبنان الصيف الماضي. وهم يعتبرون التوقيع على اتفاق مع ابو مازن يشتمل على مخاطرة كبيرة نظراً لضعف التأييد الشعبي له والى التراجع الكبير في مكانة منظمة التحرير الفلسطينية مقابل صعود نفوذ حركة "حماس". ويذهبون الى أبعد من ذلك فيرون أنه لولا وجود الجيش الاسرائيلي في الضفة لكانت سقطت هي الأخرى تحت سيطرة "حماس"، وان اي انسحاب قريب للجيش من المدن الفلسطينية في الضفة سيعجل هذا السقوط، ناهيك بالتشكيك الكبير، حتى في حال صمود السلطة الفلسطينية بزعامة عباس أن يتمكن الطرفان من تحقيق ما اتفقا عليه.
من هنا تبرز المساعي المبذولة لتأمين مشاركة عربية واسعة في المؤتمر وتوسيع جدول أعماله بحيث تتضمن ايضاً مناقشة موضوع الجولان. ويجري حالياً السعي لمعرفة الكيفية التي يمكن من خلالها تحقيق ذلك فهل يدرج الجولان في الجلسة الاستهلالية للمؤتمر أم يترك الى الجلسة النهائية؟ حتى الآن لم يحسم الأمر ولكن، بعد المواقف التي عبر عنها وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك الداعمة لمعاودة المفاوضات مع سوريا، وبعدما اتضح أن الفكرة تحظى بدعم قوي من المؤسسة العسكرية في اسرائيل، ثمة احتمال اليوم ان يتحول المؤتمر الى مناسبة لإعادة احياء التسوية السلمية مع سوريا في حال قبل الطرفان السوري والاسرائيلي بذلك بعد دفع الأثمان لهما.

مصادر
النهار (لبنان)